نعم العلة التامة لأحد الضدين ، ربما تكون مانعا عن الآخر ، ومزاحما لمقتضيه في تأثيره ، مثلا تكون شدة الشفقة على الولد الغريق وكثرة المحبة له ، تمنع عن أن يؤثر ما في الأخ الغريق من المحبة والشفقة ، لإرادة إنقاذه مع المزاحمة فينقذ به الولد دونه ، فتأمل جيدا.
ومما ذكرنا ظهر أنه لا فرق بين الضد الموجود والمعدوم ، في أن عدمه الملائم للشيء المناقض لوجوده المعاند لذاك ، لا بد أن يجامع معه من غير مقتض لسبقه ، بل عرفت ما يقتضي عدم سبقه.
______________________________________________________
الضدّ الآخر عن تأثير المقتضي الأوّل ، فلا يكون ترك الضدّ موقوفا عليه للمأمور به ، كما أنّ ترك الضدّ غير مستند إلى فعل المأمور به.
وبالجملة فعدم المانع يكون من أجزاء العلّة التامة للشيء. ولا يصغى إلى ما قيل : كيف يكون عدم المانع من أجزاء العلّة مع أنّ العدم ليس بمؤثّر.
إذ لا معنى لدخالة عدم المانع في وجود الشيء إلّا بأن يكون تأثير المقتضي فيه فعليا في ظرف عدم المانع ، وأمّا مع وجوده فلا يؤثر في ذلك الشيء ، فوصول النار إلى جسم قابل للاحتراق يوجب احتراقه في ظرف عدم الرطوبة الغالبة في ذلك الجسم لا معها.
وعليه فينحصر كون الشيء مانعا فيما يمكن اجتماعه مع مقتضي الشيء الآخر ويمنع بوجوده عن تأثير ذلك المقتضي في المنفعل ، فالمانع الذي يكون عدمه في رتبة سائر أجزاء العلّة وهي سابقة على المعلول ، هو هذا المانع ، وهذا لا يتحقّق في الفعلين المتضادّين لعدم إمكان اجتماع المقتضي لأحدهما مع المقتضي للآخر على ما مرّ.
أقول : يرد عليه أوّلا بأنّ قياس الضدّين بالنقيضين في كون أحد الضدّين مع