الضد [١] ، لو كان مجتمعا مع وجود المقتضي ، وإن كانت صادقة ، إلّا أن صدقها لا يقتضي كون الضد صالحا لذلك ، لعدم اقتضاء صدق الشرطية صدق طرفيها ، مساوق لمنع مانعية الضد ، وهو يوجب رفع التوقف رأسا من البين ، ضرورة أنه لا منشأ لتوهم توقف أحد الضدين على عدم الآخر ، إلّا توهم مانعية الضد ـ كما أشرنا إليه ـ وصلوحه لها.
إن قلت : التمانع بين الضدين كالنار على المنار ، بل كالشمس في رابعة النهار ، وكذا كون عدم المانع مما يتوقف عليه ، مما لا يقبل الإنكار ، فليس ما ذكر إلّا شبهة في مقابل البديهة.
قلت : التمانع بمعنى التنافي والتعاند الموجب لاستحالة الاجتماع مما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه ، إلّا أنه لا يقتضي إلّا امتناع الاجتماع ، وعدم وجود أحدهما إلّا مع عدم الآخر ، الذي هو بديل وجوده المعاند له ، فيكون في مرتبته لا مقدّما عليه ولو طبعا ، والمانع الذي يكون موقوفا عليه الوجود هو ما كان ينافي ويزاحم المقتضي في تأثيره ، لا ما يعاند الشيء ويزاحمه في وجوده.
______________________________________________________
[١] يعني المنع عن صلاحية كون المأمور به موقوفا عليه لترك ضدّه بدعوى امتناع استناد ترك الضدّ إلى فعل المأمور به ، لأنّ استناد تركه إلى فعل المأمور به على تقدير المقتضي له وإن كان صادقا بنحو القضية الشرطية إلّا أنّ المقدّم فيها وهو تحقّق المقتضي للضدّ المزبور ممتنع ، فإنّ الفاعل لا يريد الجمع بين الضدّين ولا يتمكّن من الجمع بينهما ليتحقّق مع فعل المأمور به إرادة ضدّه ، وصدق القضية الشرطية لا ينافي امتناع المقدّم المستلزم لامتناع التالي ، فالمنع عن (الخ) مساوق للالتزام بارتفاع التوقّف من الجانبين ، لأنّ المفروض مع وجود المقتضي لأحد الضدّين ـ ولنفرضه فعل المأمور به ـ لا يمكن أن يتحقّق المقتضي للضدّ الآخر حتى يمنع ذلك