وثانيا : كما أفاده المحقّق الاصفهاني قدسسره أنّ الانحلال إلى تكاليف متعددة متعلقة بتروك شرب النجس إنّما يصحّ إذا كان كلّ ترك ذا مصلحة باعثة عن طلبه بل حيث إنّ النجس واحد وفعل الشرب واحد والمفسدة القائمة به واحدة فليس في الحقيقة إلّا زجر واحد عن الفعل الواحد وتعدده بحسب الفرض بالقياس إلى قطعات الازمنة وطلب كلّ ترك بتبع الزجر عما فيه المفسدة فليس في الحقيقة إلّا تكليف واحد مستمر إلى أن يتحقّق الاطاعة أو العصيان وهذا الواحد من حيث استمراره مردد بين المطلق والمحدود من حيث التطبيق على شرب هذا الإناء أو ذلك الإناء (١).
وممّا ذكرناه يظهر ما في منتقى الاصول حيث ذهب في مقام الاثبات إلى اختيار أنّ موضوع الحكم بالطهارة هو الشك ويراد به الشك الفعلي بمعنى الحاصل فعلا والحكم بالطهارة يكون بلحاظ أنّ الشك وظرفه والحكم يتعدد بتعدد موضوعه وعليه فيتعدد الحكم بتعدد الشك فكل شك في كلّ آن يكون موضوعا للحكم بالطهارة (أو الحلية).
وبالجملة فظاهر الدليل فعلية الحكم بفعليّة موضوعه فلا يثبت الحكم بالطهارة (أو الحلية) إلّا مع فعلية الشك فالحكم بالطهارة في ظرف بلحاظ الشك في ذلك الظرف.
ولا مجال لدعوى امكان الحكم فعلا بالطهارة للذات في الآن المستقبل بلحاظ الشك الفعلي بالطهارة في الآن المستقبل لأنّه إذا زال الشك في الآن المستقبل يزول الحكم بالطهارة وهو يكشف عن دخالته فيه.
كما لا مجال لدعوى أنّ موضوع الحكم الفعلي بالطهارة للذات في الآن المستقبل هو الشك الفعلي المستمر فإذا زال الشك يكشف عن عدم تحقّق موضوعه لأنّه إذا فرض حصول الشك في آن ولم يكن الشك في الآن الذي قبله ثبت الحكم بالطهارة (وهو) ممّا يكشف عن أنّ الشك الفعلي تمام الموضوع للحكم بالطهارة وكما لا يجوز الحكم بالطهارة فعلا بالنسبة إلى
__________________
(١) نهاية الدراية / ج ٢ ، ص ٢٥١.