بل مفاد لا ضرر نفى نفس الضرر المعلول والناشى من الأحكام الشرعية بالنفي الحقيقى في عالم التشريع والقرينة عليه هو أنّ الشارع بما هو شارع لا يتصرف إلّا في حيطة أحكامه وتشريعاته ولا نظر له إلى الخارج ومن المعلوم أنّ هذا النفى حقيقى وليس بادعائى لأنّ المفروض انه نفى تشريعى والمنفى هو المسبب ويدل نفيه بدلالة الاقتضاء على نفى السبب.
والقول بأنّ مورد حديث نفى الضرر يصلح للقرينية على أنّ المراد من الضرر المنفى هو عدم جواز اضرار بعض الناس على بعض الناس ولا ارتباط للحديث بنفي طبيعة الضرر في جميع الاحكام الشرعية غير سديد بعد كون العبرة بعموم الوارد لا بخصوصية المورد.
هذا مضافا إلى امكان منع اختصاص مورد الحديث بالضرر الحاصل من بعض على بعض لامكان أن يكون قوله لا ضرر ولا ضرار تعليلا لأمرين.
أحدهما المنع من عدم الاستيذان وثانيهما الحكم بقلع الشجرة ويعتضد ذلك بأخبار الشفعة فإنّها معللة بحديث نفى الضرر وهذا وأشباهه يصلح للقرينية على أنّ المقصود هو نفى طبيعة الضرر في جميع الأحكام الشرعية من دون اختصاص ببعض الموارد.
ودعوى : أنّ حديث قلع أسباب الضرر تشريعا يبطله كثرة الأحكام الضررية وكون اصول أحكامه وأساس دينه أحكاما ضررية على العباد في عاجلهم في نظر العقلاء ومعه كيف يدعى أنّه لا حكم ضررى في الاسلام وأنّه قلع أسباب الضرر بعدم تشريع حكم ضررى.
مندفعة : بأنّ حديث لا ضرر منصرف عما يكون واردا مورد الضرر كالجهاد والزكاة والحج والخمس وإنّما النظر فيه إلى الأحكام التى ليست كذلك وإنّما تؤدّى الى الضرر باطلاقها أو عمومها هذا مضافا إلى إمكان منع الضرر في الأحكام المذكورة حتى عند العقلاء بعد مقابلتها بالفوائد الجسمية الدنيوية ألا ترى أنّ فوائد الحج كاجتماع المسلمين في محل واحد واشرافهم على احوالهم وتنظيم برنامج لاحياء حقوقهم وحفظ استقلالهم وتقوية بنية دفاعهم في قبال الأعداء من الامور الواضحة وهكذا الأمر في فوائد بذل الخمس