وبذلك ينحلّ الاشكال إذ وجه صحة الاتمام على هذا كونه مأمورا به ووجه استحقاق العقاب على ترك القصر كونه مأمورا به أيضا ووجه عدم وجوب الاعادة قصرا لو علم بالحكم في الوقت هو تفويت مصلحة القصر بالاتيان بأصل الصلاة ولو في ضمن الاتمام.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ فوت مصلحة الصلاة المقيدة بكونها قصرا يتوقف على التضاد.
وهنا اشكال آخر : وهو أنّ ظاهر النصوص أنّ الصلاة المأتي بهما مع كيفية الاتمام في موضع القصر أو الاجهار في موضع الاخفات وبالعكس تامّة الأجزاء والشرائط وهذا ينافى بقاء شرطية الواقع من الجهر أو الاخفات مثلا أو جزئيته بالنسبة الى الجاهل فمع عدم بقائهما وتمامية الأجزاء والشرائط يبقى السؤال والاشكال السابق وهو أنّه كيف يعقل الحكم بالصحة مع الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الواجب.
وأجيب عنه بأنّه ليس في أخبار الاتمام مكان القصر أزيد من قوله عليهالسلام فلا اعادة ومن المعلوم أنّ نفي وجوب الاعادة أعم من كون المأتي به تاما أو ناقصا سقط الواجب به.
وهكذا الأمر في خبر الجهر والإخفات فإنّه وإن تضمّن قوله عليهالسلام «وقد تمّت صلاته» إلّا أنّ المراد به بقرينة صدر الحديث هو مجرد عدم انتقاص الصلاة وعدم احتياجها إلى الاعادة فلا ينافي استحقاق العقوبة على ترك الواجب فلا تغفل.
شرطان آخران لجريان البراءة :
وقد حكى عن الفاضل التوني شرطان لجريان البراءة :
أحدهما : أن لا يكون اعمال الأصل موجبا لثبوت حكم شرعى من جهة أخرى وعليه ففى مثل الإنائين المشتبهين لا يجرى أصالة عدم وجوب الاجتناب في طرف لأنّه يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الطرف الآخر وهكذا لا يجرى في مثل مورد الشك في المتقدم والمتاخر كالكريّة والملاقاة أصالة عدم بلوغ الملاقى للنجاسة كرّا لأنّ إعمال الأصل يوجب الاجتناب عن الإناء الآخر أو الملاقي بالكرّ أو الماء.