الآيات فقوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) بدعوى أنّ الآية الكريمة أوجبت الفحص والسؤال عن أهل الذكر عند عدم العلم مع أنّه لو كان حديث الرفع جاريا قبل الفحص فلا يكون السؤال لازما.
وقوله تعالى (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١) بدعوى أنّ الآية أوجبت السفر والنفر لتعلم الأحكام مع أنّه لو كان حديث الرفع جاريا قبل الفحص فلا وجه لايجاب السفر والنفر للتعلم.
وأمّا من الروايات فموثقة مسعدة بن زياد قال سمعت جعفر بن محمد عليهماالسلام وقد سئل عن قوله تعالى (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فقال إنّ الله يقول للعبد يوم القيامة عبدى كنت عالما فإن قال نعم قال له أفلا عملت بما علمت وإن قال كنت جاهلا قال أفلا تعلّمت حتى تعمل فيخصمه فتلك الحجة البالغة.
بدعوى أنّها تدل على عدم كون الجاهل بالحكم معذورا إذا كان قادرا على التعلم واتفقت المخالفة مع أنّه لو كان حديث الرفع جاريا فيه فلا مجال للعتاب والمؤاخذة على ترك التعلم والتفحص.
وصحيحة أبى جعفر الأحول مؤمن الطاق عن أبى عبد الله عليهالسلام قال لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقّهوا ويعرفوا إمامهم ويسعهم أن ياخذوا بما يقول وإن كان تقية.
بدعوى صراحتها على أنّ الناس ليسوا في سعة بسبب جهلهم بل اللازم عليهم أن يسألوا ويتفقّهوا مع أنّه لو كان حديث الرفع جاريا فيه قبل الفحص والتعلم كانوا في سعة وغير ذلك من صحاح الأخبار الدالة على عدم جواز الرجوع إلى اطلاق حديث الرفع قبل الفحص.
وهذه الأدلّة اللفظية من الآيات والروايات هى عمدة الوجه لتقييد إطلاق أدلّة البراءة الشرعية بناء على إطلاقها.
__________________
(١) سورة التوبة / الآية ١٢٢.