المخالفة القطعية فيخيّر المكلّف بين الفعل والترك في كلّ من الزمانين (١).
ولا يخفى عليك أنّ مع تنجيز العلم الإجمالي في الامور التدريجية كغيرها كما هو الظاهر وعدم الظنّ بفعل هذا وترك ذاك أو بالعكس فاللازم هو اختيار الفعل في أحد الزمانين واختيار الترك في الآخر حذرا من المخالفة القطعية ولا فرق فيه بين أن يكون اختيار الفعل في الزمان الأوّل والترك في الزمان الثاني وبين العكس وأمّا مع حصول الظنّ بفعل هذا وترك ذاك أو بالعكس فلا يبعد القول بوجوب الموافقة الظنية أيضا فيقدم المظنون على غيره فإن كان المظنون هو ترك الأوّل وفعل الثاني اختار ذلك وإن كان عكس ذلك اختار العكس وذلك لما عرفت من أنّ الموافقة الظنية من مراتب الموافقة القطعية إذا امتنعت الموافقة القطعية فاللازم هو الاتيان بالميسور منها وهي الموافقة الظنية فلا تغفل هذا كلّه بالنسبة إلى تعدد الوقائع التوصلية مطلقا سواء كانت عرضية أو طولية وأمّا بالنسبة إلى تكرر الواقعة الواحدة فسيأتي حكمه في المقام الآتي فانتظر.
المقام الثالث : في التخيير البدوي والاستمراري
ولا يذهب عليك أنّه لو كان لمورد دوران الأمر بين المحذورين أفراد ووقائع طوليّة تدريجيّة كما إذا علم اجمالا بصدور حلف واحد على الاتيان بفعل أو على تركه في كلّ ليلة جمعة فهل يكون التخيير حينئذ بدويّا أو استمراريا أمكن أن يقال لا إشكال في الثاني باعتبار أنّ كلّ فرد من أفراد ذلك الفعل له حكم مستقل وقد دار الأمر فيه بين محذورين فيحكم العقل بالتخيير كما تقدم لعدم امكان الموافقة القطعية ولا المخالفة القطعية ولا يترتب على ذلك في المقام سوى أنّ المكلّف إذا اختار الفعل في فرد والترك في فرد آخر يعلم اجمالا بمخالفة التكليف الواقعي في أحدهما ولا بأس به لعدم كون التكليف الواقعي منجّزا على الفرض.
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٤٠.