مكلف من غير انشاء تكاليف مستقلّة أو توجه خطابات عديدة.
لست أقول إنّ المنشأ تكليف واحد لمجموع المكلفين فإنّه ضروري الفساد بل أقول إنّ الخطاب واحد والانشاء واحد والمنشأ هو حرمة الزنا على كلّ مكلف من غير توجه خطاب خاصّ أو تكليف مستقل إلى كلّ واحد ولا استهجان في هذا الخطاب العمومي إذا كان المكلّف في بعض الأحوال أو بالنسبة إلى بعض غير متمكن عقلا أو عادة فالخمر حرام على كلّ أحد تمكن من شربها أو لا وليس جعل الحرمة لغير المتمكن بالخصوص حتّى يقال إنّه يستهجن الخطاب فليس للمولى إلّا خطاب واحد لعنوان واحد وهو حجة على الناس كلهم ولا إشكال في عدم استهجان الخطاب العمومي فكما لا إشكال في أنّ التكاليف الشرعية ليست مقيدة بالقدرة والعلم كما سيوافيك بيانه فكذلك غير مقيدة بالدخول في محلّ الابتلاء (١).
وذلك لما عرفت من عدم الفرق بين الخطابات الشخصية والخطابات القانونية في استهجان الخطاب وتنجيزه عند عدم كون المورد من موارد الابتلاء لأنّ الأحكام القانونية وإن كانت انشاء واحدا ولكنّها تنحلّ بحكم العقل إلى خطابات مستقلة بعدد المكلفين ووحدة الانشاء لا تنافي انحلاله إلى المتعدد لاحتواء الوحدة لكثرة أو لاندراج الكثرة في الوحدة والمدرك للكثرة وإن كان هو العقل ولكنّ المدرك بالفتح هو الحكم الشرعي لأنّ العقل بالتحليل المذكور يحكم بأنّ الخطابات الشرعية متعددة بعدد المكلفين ولا يقاس الأحكام القانونية بالإخبار عن القضايا الكلية كقولهم كلّ نار باردة أو كلّ نار حارة ويقال كما أنّ الأخبار فيها ليس إلّا واحدا وإن كان المخبر عنه كثيرا فكذلك في الأحكام القانونية يكون الخطاب واحدا وإن كان المخاطب كثيرا وإلّا لزم الكذب بلا نهاية فيما إذا كان الأخبار كذبا.
والوجه في عدم صحة القياس المذكور أنّ المقنن أراد بالارادة التشريعية عند المخاطبة مع
__________________
(١) تهذيب الاصول / ج ٢ ، ص ٢٨٠ ـ ٢٨٢.