ومع احتماله واحتمال غيره يكون ظاهرا فيه لأنّه أظهر الفوائد وأشهرها وأكثرها ومجرّد احتمال غيره لا يضرّ بالظهور كما لا يضرّ احتمال القرينة المعاندة بأصالة الحقيقة.
والمفهوم بهذا المعنى وبهذا الوجه ممّا لا ينبغي أن يخفى على أحد ومن أنكره في فنّ الأصول فلا شكّ أنّه يعمل به في سائر أبواب الفقه ويجري عليه في سائر محاوراته بل ينكر على من تفوّه بالوصف مع عدم الاختصاص به وعدم الفائدة كما في المثالين المعروفين وهما أنّ الإنسان الابيض لا يعلم الغيب والإنسان الأسود إذا غمّض عينيه لا يبصر.
ثمّ استشهد للمفهوم بفهم العرف كأبي عبيدة أو تلميذه من الوصف الضمنيّ كالكثير والامتلاء كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لئن يمتلئ بطن الرجل قيحا خير من أنّ يمتلئ شعرا.
حيث قال في جواب من قال إنّ المراد من الشعر ما كان في هجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لو كان ذلك المراد لم يكن لتعليق ذلك بالكثرة وامتلاء الجوف معنى وأنّ القليل منه ككثيره وكالقاسم بن سلام حيث فهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليّ الواجد يحل عقوبته أنّ ليّ غير الواجد لا يحل عقوبته.
ومن قوله صلىاللهعليهوآله مطل الغنيّ ظلم أنّ مطل المعدم ليس بظلم إلى غير ذلك (١).
يمكن أن يقال لا كلام في ما إذا علم أنّ الموصوف علّة منحصرة في ترتّب الحكم عليه فإنّ الحكم حينئذ ينتفي بانتفاء الموصوف ولكنّه ليس من جهة دلالة الجملة الوصفيّة على ذلك بل هو لقيام القرينة الخاصّة كالعلم المذكور.
وإنّما الكلام في دلالة الجملة الوصفيّة على المفهوم وعدمها من حيث هي من دون قرينة خاصّة.
__________________
(١) الوقاية : ٤٢٦ ـ ٤٢٨.