أنّه مع إتيان الفرد المزاحم بالأهمّ انطبقت الطبيعة على المأتيّ به قهرا وحيث إنّه لا خصوصيّة في الأفراد المقدورة لعدم الفرق بينها وبين الفرد المزاحم بالأهمّ حكم العقل والعرف بعدم التفاوت بين الفرد المزاحم بالأهمّ وغيره من الأفراد ، فإذا أتى بالفرد المزاحم بالأهمّ بقصد الأمر المتوجّه إلى الطبيعة يصدق الامتثال عرفا ، إذ لا فرق بينه وبين سائر الأفراد فإتيانه كإتيان سائر الأفراد في ايجاب سقوط الأمر من دون مدخليّة لدعوة الأمر بالطبيعة إلى ذلك الفرد وعدمه. وممّا ذكر يظهر ما في تعليقة المحقّق الأصفهانيّ قدسسره من أنّ الاشتراك في الطبيعة وفي الغرض يصحّح الإتيان بهذا الداعي ، لا أنّه يصحّح دعوة الأمر (١).
وذلك لما عرفت من أنّ الملاك هو صدق الامتثال عرفا بإتيان فرد لا فرق بينه وبين سائر الأفراد ولا حاجة إلى دعوة الأمر المتوجّه إلى الطبيعة بالنسبة إلى الفرد المزاحم بالأهمّ.
فتحصّل أنّ ما ذهب إليه المحقّق الثاني من إمكان قصد الأمر المتوجّه إلى الطبيعة بناء على عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه كان وجيها. نعم ، يمكن أن يقال إنّ مع الاقتضاء أيضا لا مانع من الإتيان بالفرد المزاحم بالأهمّ بقصد الأمر المتعلّق بصرف الطبيعة.
إذ لا فرق بين صورة الاقتضاء وعدمه في عدم تعلّق الأمر بالمزاحم بالأهمّ وأنّ متعلّق الأمر هو الطبيعة ، والمفروض أنّه مع إتيان الفرد المزاحم بالأهمّ تصدق الطبيعة عليه قهرا ، وكونه منهيّا عنه لا يمنع عن صدق الطبيعة عليه ، وأيضا أنّ النهي الغيريّ لا يكشف عن المفسدة حتّى يوجب ذلك عدم حكم العقل والعرف بعدم التفاوت بينه وبين سائر الأفراد وصدق الامتثال ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ تفصيله مبنيّ
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٥٥.