الغيريّة على مصلحة نفسيّة للعبادة.
هذا يمكن أن يقال : يكفي في فساد العبادة مع تسليم الكشف عن المفسدة قوله عليهالسلام : «إنّ الله لا يطاع من حيث يعصى» ؛ إذ المفروض أنّ نفس الصلاة ذات مفسدة والإتيان بها موجب للعصيان.
والقول بأنّ حيثيّة العصيان مغايرة لحيثيّة الإطاعة والحديث يدلّ على عدم حصول الإطاعة من نفس حيثيّة العصيان غير سديد بعد كون الاتّحاد العرفيّ بينهما.
اللهم إلّا أن يقال بعد الكسر والانكسار وترجيح جانب العبادة لا حيث له إلّا حيث الإطاعة لعدم فعليّة حيثيّة العصيان ، فلا يشمله الحديث. فتدبّر جيّدا.
وأمّا ما يقال من أنّ المتقرّب به وإن لم يكن في نفسه مبعدا لكنّه مقدّمة للمبعد وهو ترك ضدّه الذي يكون أهمّ ، ولا يمكن التقرّب بما يكون مقدّمة للمبعد ، كما لا يمكن التقرّب بالمبعد ، فقد أجاب عنه المحقّق الأصفهانيّ قدسسره بأنّ الفعل العباديّ وإن كان مبغوضا بالعرض لمحبوبيّة تركه المقدّمي ، لكنّ الفعل ليس مقدّمة لمبغوض مبعد حتّى لا يمكن التقرّب بمقدّمة المبعد ، إذ لا يقول أحد بمقدّميّة فعل لترك ضدّه للزوم الدور. نعم ، الفعل العباديّ مبغوض عرضيّ ملازم لمبغوض عرضيّ وهو ترك الأهمّ وهو لا يمنع عن التقرّب جزما (١).
ولعلّ قبول مقدّميّة ترك الفعل العباديّ للإزالة من باب المماشاة لمن ذهب إلى مقدّميّة ترك الضدّ لوجود الضدّ الآخر ، وإلّا فقد مرّ سابقا أنّ التحقيق أنّ المقدّميّة مطلقا ممنوعة ، لا من طرف ترك الضدّ لفعل الضدّ الآخر ولا من طرف الفعل لترك الضدّ الآخر ، وأيضا تقدّم أنّ وجه عدم تقدّميّة الفعل للترك ليس هو الدور ، بل من جهة أنّ الترك أمر عدميّ وهو لا يحتاج إلى علّة ، بل الترك ملازم لعدم علّته ، لا أنّ
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٢٤.