يلزم اجتماع الضدّين ولا يجدي في دفعه تعدّد الجهة ، ولكنّه احتمال بعيد بل مقطوع بعدمه ، إذ المشخّصات لمتعلّق الارادة التشريعيّة كالمشخّصات لمتعلّق الإرادة التكوينيّة ، لا يتعلّق بها الفرض ولا يقاس ذلك بمقدّمات المطلوب ، إذ الفرق بيّن بين لوازم الوجود (١). وبين أجزاء علّته! ولذلك ذهب إلى أنّ المراد من الفرد هو الفرد الجوهريّ وقال : لا ثمرة بين القول بتعلّق الأحكام بالطبائع وبين القول بتعلّقها بالأفراد ، إذ تعدّد الجهة في الفرد يكفي في الجواز ، كما أنّ تعدّد الجهة يكفي في الطبيعة. والفرد الخارجيّ في مورد الاجتماع ينحلّ في العقل إلى فردين موجودين بوجود واحد ، والأحكام متعلّقة بالأفراد في الذهن بعد تحليلها لا في الخارج لأنّه ظرف السقوط لا الثبوت.
ولا يخفى عليك أنّ عنوان الأفراد لو وقع في الخطابات الشرعيّة فمحمول على الأفراد العرفيّة ، إذ خطابات الشرعيّة واردة على العرف ، وهم لا يفهمون الأفراد الجوهريّة والحصص ؛ فلو قلنا بتعلّق الأحكام على الأفراد ، فالمراد بها هي الأفراد العرفيّة. وتظهر الثمرة في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فإنّ اجتماعهما في الأفراد العرفيّة ممتنع ، لأنّ الأفراد العرفيّة باعتبار مقارناتها المتّحدة معها منهيّ عنها ، فكيف تصير مأمورا بها ، بخلاف ما إذا كان متعلّق الأحكام هو الطبائع ، فإنّ مركب الأمر مغاير مع مركب النهي وإن كانت الطبائع مرآة إلى حصصها وأفرادها الجوهريّة ، فإنّ حصص كلّ طبيعة مغايرة مع حصص الطبائع الاخرى عند التحليل ، وإن كانت موجودة بوجود واحد خارجيّ ، إذ متعلّق الأحكام هو الحصص الذهنيّة المفروضة الوجود.
فتحصّل أنّ الأحكام متعلّقة بالطبائع ، والطبائع حيث كانت مرآة تكون حاكية عن أفرادها المفروضة الوجود ، وهذه الأفراد هي الأفراد الجوهريّة التي عبّر عنها
__________________
(١) الوقاية : ص ٣٤٠