مناهج الوصول أيضا حيث أنكر اتّحاد الحصص مع نفس الطبيعيّ (١) مع ما عرفت من اتّحاد الطبيعيّ مع مصاديقه الحقيقيّة.
إذا عرفت تلك الامور فقد اتّضح لك أنّ الأمر متعلّق بالطبيعة المفروضة الوجود التي تكون مرآة إلى الوجود الخارجيّ المفروض ، والطبيعة المذكورة متّحدة مع حصصها المفروضة الوجود ، ويسري الأمر منها إلى حصصها المفروضة لا إلى مقارناتها وملازماتها ، وإن كانت متّحدة معها في الوجود الخارجيّ ، لأنّ الطبيعة لا تحكي عن الأغيار ، بل حكايتها منحصرة في حصصها التي تعبّر عنها بالأفراد الجوهريّة ، ومن ذلك يظهر أنّ الأمر المتعلّق بالطبيعيّ لا يسري إلى الأفراد العرفيّة أو العرضيّة التي تكون مجموع الحصص والخصوصيّات والمقارنات ، فلا تغفل.
فالقائل بتعلّق الأمر بالطبيعة التي مرآة إلى الأفراد أراد تعلّقه بالأفراد الجوهريّة المفروضة الوجود في الذهن مع قطع النظر عن مقارناتها من الخصوصيّات ، بحيث لو أمكن للمكلّف أن يوجد حصّة الطبيعة والفرد الجوهريّ من دون مقارناتها لسقط الأمر وحصل الغرض بوجود حصّة الطبيعة لأنّه أتى بالمأمور به.
والقائل بتعلّقه بالفرد دون الطبيعة أراد تعلّقه بالفرد العرفيّ الجامع للحصّة والخصوصيّات والمقارنات ، فيكون المقارنات في نظره أيضا مأمورا بها.
وعلى هذا تظهر الثمرة بين القولين في باب اجتماع الأمر والنهي ، وذلك لأنّه على القول بتعلّق الأوامر والنواهي بالطبائع الحاكية عن الأفراد الجوهريّة دون الأفراد العرضيّة والعرفيّة ، ففي مورد الاجتماع كالصلاة في الدار المغصوبة ـ مثلا ـ لا يسري الأمر من متعلّقه وهو طبيعة الصلاة إلى متعلّق النهي وهو الغصب ولا العكس ، لفرض أنّهما طبيعتان مستقلّتان ، غاية الأمر أنّ كلّ واحدة منهما مقارنة للاخرى أو متّحدة
__________________
(١) ج ٢ ص ٧٧