الحلّ والطهارة من حكومتهما على أدلّة الشرائط والموانع قائلا بأنّ الشاكّ بعد اليقين يبني عليه فهو متطهّر في هذا الحال وليس له أن يرفع اليد عن يقينه أبدا وبعبارة اخرى أنّ الظاهر من دليله هو البناء العمليّ على بقاء المتيقّن في زمان الشك أو البناء العمليّ وجوب ترتيب آثاره وإن كانت الآثار ثابتة بالأدلّة الاجتهاديّة والاستصحاب محرز موضوعها تعبّدا لأنّ استصحاب عدالة زيد لا يثبت عدا بقاء عدالته وأمّا جواز الطلاق عنده وإقامة الصلاة خلفه فلا يثبت بدليل الاستصحاب بل بالكبريات الكلّيّة الأوّليّة التي هي المجعولات الأوّليّة فيكون دليله حاكما على الأدلّة فيفيد الإجزاء كما مرّ. (١)
إذ أمر من أراد الامتثال للتكاليف الواقعيّة بترتيب آثار المتيقّن يوجب الانفهام العرفيّ بأنّ التكليف يمكن امتثاله بهذه الكيفيّة بحيث يكون المأتيّ به مع هذه الكيفيّة مصداقا للمأمور به وواجدا لما هو شرطه ومن المعلوم أنّه ليس إلّا معنى الإجزاء كما لا يخفى.
وهكذا يكون تقريب الحكومة في قاعدة التجاوز والفراغ بناء على كونهما من الاصول الظاهريّة لا من الأمارات فإنّ حكم الشارع كما في نهاية الاصول لمن شكّ في إتيان جزء من الصلاة بوجوب المضيّ وعدم الاعتناء ، ظاهر في أنّ المكلّف الذي كان بصدد امتثال أمره تعالى بالصلاة التي أمر بها جميع المسلمين وشكّ في أثناء عمله أو بعده في إتيان جزء منها ، صلاته عبارة عن الأجزاء التي أتى بها وإن كانت فاقدة للجزء المشكوك في إتيانه فهذا العمل الفاقد لجزء من الأجزاء صلاة في حقّ هذا المكلّف لا أنّه عمل لغو.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٩٦.