المبحث الثالث : في الجمل الخبريّة المستعملة في مقام الطلب والبعث :
ولا يخفى عليك أنّ بعض الأعلام كصاحب الكفاية ذهبوا إلى أنّ تلك الجمل مستعملة في معناها وهو ثبوت شيء لشيء وإنّما الفرق بينها وبين الجمل الخبرية المستعملة في مقام الإخبار في الدواعي إذ الداعي في الأخيرة هو الإخبار والإعلام بوقوع الشيء لشيء بخلاف الاولى فإنّ الداعي فيها هو البعث الحقيقي والتوصّل بها إلى وقوعها في الخارج.
واستشكل فيه بأنّ لازم استعمال الجمل الخبريّة المستعملة في مقام الطلب في معناها من ثبوت شيء لشيء هو الكذب كثيرا لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علوّا كبيرا.
واجيب عنه كما في الكفاية بأنّه إنّما يلزم الكذب إذا أتى بها بداعي الإخبار والإعلام فيتخلّف لداعي البعث وإلّا يلزم الكذب في غالب الكنايات فمثل زيد كثير الرماد أو مهزول الفصيل لا يكون كذبا إذا قيل كناية عن جوده ولو لم يكن له رماد أو فصيل أصلا وإنّما يكون كذبا إذا لم يكن بجواد.
واستشكل فيه كما أفاد الاستاذ بمنع قياسه بالكنايات لوجود الفارق بينهما إذ لا ملازمة بين الوقوع ونفس إرادة المولى بخلاف الجود وكثرة الرماد. نعم وقوع الفعل في الخارج عن العبد المنقاد يكشف عن علمه بإرادة المولى فلا ملازمة بين الوقوع والإرادة متفرّعة على العلم بالإرادة لا نفس الإرادة بخلاف الملازمة التي تكون بين