حاصله هو منع اعتبار الصدور من العالي في صدق مفهوم الأمر ولذا حكم بالصدق فيما إذا كان الطالب سافلا وطلب على سبيل الإلزام وبعدم صدقه فيما إذا كان الطالب عاليا ولكن استدعى والتمس من غيره مع أنّه صدر عن العالي فالمعتبر هو قصد الطالب فإن كان قصده من الطلب هو الامتثال بنفس طلبه فهو أمر وإلّا فهو استدعاء والتماس.
يمكن أن يقال : فيه :
أوّلا : إنّ قصد الطالب انبعاث المخاطب بنفس الطلب لا ينافي اعتبار العلوّ في صدق الأمر عليه ومدخليّته فيه كما هو الظاهر وتدلّ عليه صحّة سلب الأمر عن طلبه ولو مع القصد المزبور فمنه يعلم أنّ مجرّد القصد المذكور لا يكفي في صدق الأمر وإلّا لما صحّ سلب الأمر عنه.
ولذلك قال في تهذيب الاصول : إنّ عدم صدقه على غير العالي المستعلي كاشف عن تضييق مفهومه إذ لو ابقى على سعته كان عدم صدقه على غيرهما بلا ملاك. انتهى (١)
وثانيا : إنّ عدم صدق الأمر على طلب العالي المستدعي أو الملتمس من جهة تنزيل نفسه عن مرتبة العلوّ وجعلها في مرتبة المخاطب ومن المعلوم أنّ الطلب مع هذا البناء لا يكون صادرا عن العالي بما هو العالي فلا يصدق على طلبه أمر ، كما لا يصدق الأوامر المولويّة على أوامر المولى الذي نزّل نفسه عن مرتبة المولويّة وأمر بعنوان كونه أحدا من العقلاء ولذا لا يترتّب عليها آثار الأوامر المولويّة من عصيان المخالفة وغيره.
فانقدح ممّا ذكر أنّ مفهوم الأمر متضيّق وإلّا يصدق على غير العالي مع أنّك
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٣٣.