السنة إنّما هو للعمل بنصوصها ، أو ظواهرها ولا يأخذون بالسنة لو خالفت الكتاب ، كما لا يأخذون بسنة أئمة أهل البيت لو خالفت سنة الرسول «ع» الثابتة عندهم بطريق معتبر ، وعند فقد ذلك كلّه يرجعون الى العقل الحاكم بالبراءة أو الاحتياط أو التخيير أو الاستصحاب عند من اعتبرها من باب العقل وإلّا فمن اعتبرها من باب قيام الكتاب والسنة عليها فيكون رجوعه إليها من باب الرجوع الى الكتاب والسنة.
وأمّا الرجوع الى الاجماع فان كان من باب حصول الحدس برأي المعصوم «ع» من الاتفاق فهو من باب الرجوع للعقل ، وإن كان من باب احراز دخول المعصوم في جملة المجمعين فهو من باب الرجوع الى السنة.
وتفصيل ذلك كلّه مسطور في كتب أصول الفقه.
والحاصل انّه لمّا وقعت الغيبة الكبرى للحجة المهدي «ع» سنة (٣٢٩) بوفاة علي بن محمد السري السفير الرابع للامام المهدي «ع» انحصر تحصيل الحكم الشرعي عند الشيعة بطريق فتوى فقهائهم وكان ذلك كما عرفت بأمر من الحجة «ع» على يد السفير الرابع عند ما اقتربت وفاة الأخير ، فرجعوا بعد ذلك الى فقهاء أهل البيت والطائفة وعند ذلك احتاج الفقهاء الى اعمال اجتهادهم في معرفة أحكام المسائل التي تعرض عليهم بردّها لأصولها الموجودة في الكتاب والسنة وما تقتضيه القواعد الشرعية والموازين العقلية ، وتشخيص ما قام اجماع الشيعة عليه الى غير ذلك من عملية الاستنباط وما يتطلبه الاجتهاد.
فأوّل من انبرى لهذا العمل هو الحسن بن علي العمّاني شيخ فقهاء الشيعة والذي استجازه صاحب كامل الزيارة سنة (٣٢٩) وهي السنة التي وقعت فيها الغيبة الكبرى ، وقد صنّف كتاب «المتمسك بحبل آل الرسول» وعاصر الكليني محمد بن يعقوب ، وعلي بن بابويه القمي.
ومن هنا تطوّرت عملية الاستنباط والاجتهاد من الأدلة والمصادر واتّسعت وقد رافق هذا التطوّر تطوّر آخر ذلك هو التطوّر الذي حصل في «علم أصول الفقه» حيث وقعت الدراسة فيه عن كيفية تحصيل الحكم الشرعي عن الأدلة واستنباطها.
بعد ما كان الفقهاء في الصدر الأول يفتون في المسألة بلفظ الحديث بحذف اسناده