أشكل على
الدليل الأوّل انّ الاجماع المنقول هو من أفراد خبر الواحد ـ بل من أخسّ أفراده
باعتبار كونه اخبارا حدسيا عن قول المعصوم «ع» بخلاف خبر الواحد المصطلح ، فانّه
اخبار حدسي ، ـ وعليه فمن عدم حجية الخبر يثبت عدم حجية الاجماع المنقول بالأولوية
، فكيف يمكن نفي حجية خبر الواحد بالاجماع المنقول؟
وثانيا : كيف
يمكن الاعتماد على دعوى الاجماع؟ مع ذهاب المشهور من القدماء والمتأخرين الى حجية
الخبر!
أمّا الدليل الثاني
فأجيب عنه : انّ الروايات التي استدل بها على عدم حجية خبر الواحد والنهي عن العمل
به على طائفتين :
الطائفة الأولى
: الاخبار الدالة على انّ الخبر المخالف للكتاب «باطل» أو «زخرف» ، أو «اضربوه على
الجدار» ، أو «لم نقله» ، الى غير ذلك من التعبيرات الدالة على عدم حجية الخبر
المخالف للكتاب والسنة القطعية.
لكن المراد من
المخالفة في هذه الاخبار : هي المخالفة بنحو لا يكون بين الخبر والكتاب جمع عرفي ،
كما إذا كان الخبر مخالفا للكتاب بنحو التباين ، أو العموم من وجه ، وهذا النوع من
الخبر خارج عن محل الكلام. لأنّه غير حجة بلا اشكال.
وأمّا الاخبار
المخالفة للكتاب والسنة بنحو التخصيص ، أو التقييد فليست مشمولة لهذه الطائفة ،
للعلم بصدور المخصص لعمومات الكتاب ، والمقيد لاطلاقاته عنهم «ع» كثيرا.
والحاصل : انّ
الخبر المخصص لعمومات الكتاب ، أو المقيد لاطلاقاته لا يعدّ مخالفا له في نظر
العرف ، فالمراد من المخالفة في هذه الطائفة : هي المخالفة بنحو التباين ، أو
العموم من وجه.
الطائفة
الثانية : هي الاخبار الدالة على المنع عن العمل بالخبر الذي لا يكون عليه شاهد ،
أو شاهدان من كتاب الله ، أو من سنة نبيّه «ص» لكن هذه الطائفة أيضا لا يمكن الأخذ
بظاهرها للعلم بصدور الاخبار التي لا شاهد لها من الكتاب والسنة ، بل هي مخصصة
لعموماتهما ومقيدة لاطلاقاتهما على ما تقدّمت الاشارة اليه ، فلا بدّ من حمل هذه
الطائفة : على صورة التعارض ، كما هو صريح في بعضها.