اللغة ظاهرة اجتماعية فتكون لا محالة محكومة بقانون التغيّر والتطوّر والتكامل.
وقد حاول الأستاذ الشهيد أن يتغلّب على الإشكالية الأولى بطريقين ، نكتفي بذكر أحدهما ، قال : إنّه يمكن إحراز الظهور الموضوعي من خلال الظهور الذاتي وذلك «بملاحظة ما ينسبق من اللفظ إلى الذهن من قبل أشخاص متعدّدين مختلفين في ظروفهم الشخصية ، بنحو يطمئن بحساب الاحتمالات أن انسباق ذلك المعنى الواحد من اللفظ عند جميعهم إنّما كان بنكتة مشتركة هي قوانين المحاورة العامة لا لقرائن شخصية ؛ لأنّ هذا خلف اختلافهم في الملابسات الشخصية». (١)
وأما الإشكالية الثانية : «فقد عالجها المحقّقون من علماء الأصول بأصل عبّروا عنه بأصالة عدم النقل ، وقد يسمّونه بالاستصحاب القهقرائي ؛ لأنّه يشبه الاستصحاب ولكن مع تقدّم المشكوك على المتيقّن زماناً.
إلّا أنّه من الواضح عدم إمكان استفادة حجّيته من دليل الاستصحاب ، وإنّما هو مفاد السيرة العقلائية ، وقد اصطلح عليه الأستاذ الشهيد بأصالة الثبات في الظهورات ؛ لأنّ هذا الأصل كما أشرنا إليه لا يقتصر فيه على الأوضاع اللغوية ، بل يشمل الظهورات السياقية التركيبية غير الوضعية أيضاً» (٢).
ولا ينبغي الإشكال في انعقاد السيرة على هذا الأصل ، ولها مظهران :
__________________
(١) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٤ ، ص ٢٩٣.
(٢) المصدر نفسه.