وذلك لعدم استيعاب ذلك الشخص لتمام نكات اللغة وقوانين المحاورة ، أو لتأثره بشؤونه الشخصية في مقام الانسباق من اللفظ إلى المعنى.
ولا ينبغي الإشكال في أنّ موضوع أصالة الظهور هو الظهور الموضوعي لا الذاتي ؛ لأنّ حجّية الظهور بملاك الطريقية وكاشفية ظهور حال المتكلّم في متابعة قوانين لغته وعرفه ، ومن الواضح أنّ ظاهر حاله متابعة العرف المشترك العام لا العرف الخاص للسامع القائم على أساس أنس شخصي وذاتي يختص به ولا يعلم به المتكلّم عادة ، وهذا واضح» (١).
وهذه المشكلة تزداد خطورة وتتفاقم تعقيداً ، عند ما تفصل الشخص الممارس لعملية الاجتهاد عن النصوص التي يمارسها فواصل تاريخية وواقعية كبيرة.
الثانية : أن الفاصل الزمني بين عصر صدور النصّ وعصر وصول النصّ أوجد لنا مشكلة أخرى وهي «أنّ الظهور الموضوعي الحجّة ، هل هو المعاصر لزمن صدور الكلام أو لزمن وصوله إلينا فيما إذا فرض اختلاف الزمانين ، كما في النصوص الشرعية بالنسبة إلينا ، فإنّ الأوضاع اللغوية بل وحتى الظهورات السياقية التركيبية قد تتغيّر وتتطوّر بمرور الزمان وإن كان ذلك بطيئاً جدّاً لأنّ اللغة وما يرتبط بها ظاهرة اجتماعية فتكون متأثّرة بطرائق الحياة الاجتماعية لا محالة» (٢).
ومن هنا فقد «يكون ما هو المعنى الظاهر في عصر صدور الحديث مخالفاً
__________________
(١) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٤ ، ص ٢٩١.
(٢) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٤ ، ص ٢٩٣.