__________________
المتعارضين ، حيث إنّه ذكر في مسألة تصرّف الإنسان في ملكه مع تضرّر جاره ، أن عموم نفي الضرر معارض بعموم" الناس مسلّطون على أموالهم"» ثم أشكل على ذلك بحكومة دليل القاعدة على قاعدة السلطنة ، واستدلّ على ذلك بجريان سيرة الفقهاء في موارد مختلفة عليه «منها استدلالهم على ثبوت خيار الغبن وبعض الخيارات الأُخر بقاعدة نفي الضرر ، مع وجود عموم" الناس مسلّطون على أموالهم" الدالّ على لزوم العقد وعدم سلطنة المغبون على إخراج ملك الغابن بالخيار عن ملكه». (المكاسب ، ص ٣٧٣).
أما السيرة والبناء العقلائي ، فإن هذه القاعدة «قاعدة عقلائية قبل أن تكون شرعية ، ولم يزل بناء العقلاء عليها من قديم الزمان إلى عصرنا هذا ، ولا فرق فيها بين أرباب الملل الإلهية وغيرهم ، حتى إن من أنكرها بلفظه لا ينكرها في عمله ، وإن الذين ادّعوا إلغاءها بالمرّة في كتبهم ومدارسهم لم يوفقوا له في العمل ، وكلّهم يرون أن للإنسان التصرّف في ملكه بما يراه ، إلّا إذا منعه الشرع أو نهى عنه القوانين المعتبرة عندهم ، ولا يشكّ في هذا أحد منهم ، ومن أنكره فإنّما ينكره باللسان (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ). بل يمكن أن يقال : إنها من القواعد الفطرية ، قبل أن تكون عقلائية ، فإن ما عند العقلاء من القوانين لها أصول وجذور في أعماق فطرياتهم ما لم ينحرف عنها بأمور قسرية. كما أن أحكام الشرع أيضاً تنطبق على الفطريات ، فيطابق التشريع التكوين». (القواعد الفقهية ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج ٤ ، ص ٢٩).