المغبون الذي أقدم على إيقاع المعاملة عالماً بالغبن ، لا خيار له في الفسخ
، لعدم وجود ما يبرز هذا الحق ، لا من ناحية القرينة الخاصة كاللفظ ، ولا العامة
كالارتكاز العقلائي. وهذا معناه أنه قد وطّن نفسه على قبول ضررية هذه المعاملة
الناشئة من اللزوم ، فلا مجال لجريان القاعدة. بخلاف الجاهل بالغبن ، فإنّه (بقرينة
الارتكاز العقلائي العام ، وكون الأصل في كل عاقل ، ما لم يخرج بدليل ، أنه يتحفّظ
على مالية أمواله) شرط لنفسه الخيار ولو ضمناً ، فلا يكون إقدامه على إيقاع
المعاملة إقداماً على ضررية اللزوم أيضاً.
بناءً على هذا
التصوّر يصحّ أن يقال : إن علم المغبون بالغبن يوجب ظهوره في أنه لم يشترط الخيار
، وهذا معناه أنه جعل اللزوم بالدلالة الالتزامية ، وعليه فلا ينبغي الشك في صدق
الإقدام على الضرر في مسألة الغبن ، بنفس إقدامه على إيقاع المعاملة عالماً بالغبن
، فلا تجري القاعدة في حقّه.
المقام
الثاني : صدق الإقدام على الضرر في مسألة
الجنابة العمدية
والكلام هنا
تارة يقع في الصغرى ، وهو هل الإقدام على الجنابة عامداً ، إقدام على الضرر أم لا؟
وأخرى في الكبرى ، وهو هل يكون مثل هذا الإقدام مانعاً عن جريان القاعدة ، بدعوى
أن كل إقدام فهو مانع ، أم يكون بعض أنحاء الإقدام مانعاً دون بعض؟
أما البحث
الأوّل ، فقد أشرنا في التقريب الثالث إلى أن الإقدام على الجنابة ليس إقداماً على
الضرر ، باعتبار استلزامه للدور المحال. وتحقيق الحال في ذلك يستلزم الحديث في
نقاط :
النقطة
الأولى : أنه لو كان الإقدام في المقام دوريا
، لأمكن أن يقال : إن عدم الإقدام دوري أيضاً.