لم تتوسط إرادة غير مقهورة بين التكليف ووقوع الضرر خارجاً ، وذلك لأن هناك إرادتين ، إرادة الإجناب وهي من مبادئ التكليف لا أنها متوسطة بينه وبين الضرر الخارجي ، وإرادة الغسل وهي مغلوبة ومقهورة للحكم الشرعي ، لأنها إرادة الطاعة والامتثال ، فيكون حكمها كالعدم ، فيصدق على وجوب الغسل أنه الجزء الأخير من العلّة التامة لوقوع الضرر ، فتشمله القاعدة.
إلّا أن هذا التقريب فيه خلط بين الجعل والمجعول ، فإنه لو كان النظر إلى الجعل أو المجعول ، لما كان هناك فرق بين الموردين.
توضيحه : تارة يكون النظر في كلا الموردين إلى الجعل ، فهنا تتوسط إرادة غير مقهورة بين الجعل ووقوع الضرر خارجاً.
أما في المورد الأول ، فلأن هناك جعلاً بنحو القضية الحقيقية مفاده : أن كل من باع داره مثلاً مغبوناً ، فالبيع لازم عليه. وهذا الجعل في نفسه لا يترتّب عليه ضرر خارجاً ، إلّا إذا تحقّق موضوعه المقدّر الموجود ، أي المعاملة الغبنية ، ومن الواضح أن الإرادة التي تحقّق هذا الموضوع المقدّر الوجود ليست تحت القهر ، لأن المولى لا يجبر أحداً على أن يوجد المعاملة الغبنية ، أذن فقد توسطت إرادة غير مقهورة بين الجعل ووقوع الضرر خارجاً. وكذلك الحال في المورد الثاني ، فإن المولى جعل بنحو القضية الحقيقية ، أن من أجنب نفسه يجب عليه الغسل ، وهذا الجعل بما هو لا يكفي أيضاً في وقوع الضرر خارجاً ، ما لم يتحقق موضوعه المقدّر الوجود ، وهو أن يجنب المكلّف نفسه ، ومن الواضح أن هذا الإجناب ليس تحت القهر من ناحية تلك القضية الحقيقية. هذا إذا كان الملحوظ فيهما هو الجعل.
وأخرى يكون النظر فيهما إلى المجعول ، فإنه لا تتوسط أي إرادة