يحتمل فيه الإصابة والخطأ معاً ، وبقدر احتمال الإصابة يشكل قرينة احتمالية لصالح إثبات الدليل الشرعي ، وبتراكم الفتاوى تتجمّع القرائن الاحتمالية لإثبات الدليل الشرعي بدرجة كبيرة تتحوّل بالتالي إلى يقين لتضاؤل احتمال الخلاف» (١).
فهنا وإن كان احتمال الخطأ في فتوى كلّ فقيه وارداً «إلّا أنّه بملاحظة مجموع الفقهاء المجمعين ، وإجراء حسابات الاحتمال فيها عن طريق ضرب احتمالات الخطأ بعضها بالبعض ، نصل إلى مرتبة القطع والاطمئنان على أقل تقدير بعدم خطئها جميعاً وهو حجّة على كلّ حال».
ومنه يتضح «أن روح الكاشفية وملاكها في كلّ من التواتر والإجماع وإن كان واحداً إلّا أن هناك نقاط ضعف عديدة في الإجماع توجب بطء حصول اليقين منه ، بل وعدم حصوله في كثير من الأحيان غير موجودة في التواتر» (٢).
وبالالتفات إلى ما تقدّم «يتبيّن ما معنى ما استقر عليه رأي المتأخّرين من الأصوليين بحسب ارتكازهم من أنّ الإجماع بالملازمة الاتفاقية يكشف عن قول المعصوم ، فإنّ هذا مدركه الفني ما ذكرناه من أنّ كاشفية الإجماع إنّما هي بنكتة حساب الاحتمالات ، وهو يتأثر بعوامل وضوابط عامة وخاصة متعدّدة ، ولهذا تختلف الإجماعات من حيث الكشف المذكور حسب اختلاف مواردها وخصائصها. كما أنه باكتشاف ضوابط الكشف الرئيسية يُقضى على الفوضى الفقهية في الاستدلال بالإجماع ، إذ قلّما يمكن تحديد وتفسير مواقف بعض
__________________
(١) الحلقة الثالثة ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ٢١٢.
(٢) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٤ ، ص ٣٠٩.