على انتساب مدلول المادّة بعد تحصصه بحرف الزيادة إلى الفاعل. فضارَبَ معناه أوجد هذه العملية بمجموعها من الفعل وردّ الفعل ، فيكون «عمرو» حينئذٍ مفعولاً لهذه العملية لا مفعولاً للضرب ، بمعنى أن هذه العملية التي صدرت من زيد شارك عمرو في جزء منها أيضاً. فعمرو مفعول لهذه العملية بتمامها لا أنه مفعول للجزء الأوّل منها وهو الضرب. فهنا تصوّرنا ثلاثة دوالّ وثلاثة مداليل ، بينما في «فاعَل» التي ليس لها مجرّد من قبيل «جاور» فعندنا دالّان ، فإن الشيء الذي نحصل عليه من زيادة الألف إلى المادّة هناك ، نحصّله هنا في المادة نفسها ابتداءً ، ف «جاور» موضوعة لمعنىً من هذا القبيل ، وهيئتها تعطي نفس معنى هيئة «فعَلَ».
ممّا حقّقناه تبيّن أن «فاعَل» مجمع لدوال ثلاثة : المادّة والألف والهيئة المجرّدة المحفوظة في ضمن «فاعَل». أمّا هيئة المجرّد فلا يختلف مدلولها في «فاعَل» عن مدلولها في «فعَل» ، ووظيفتها نسبة مدلول المادة إلى الفاعل ، غاية الأمر أن مدلول المادة في «فعَل» ينسب إلى الفاعل من دون تقييد ، أما في «فاعَل» فتحصص المادة بلحاظ «ألف» باب «فاعَل» فيكون المراد منها العملية بتمامها ، أي الفعل وردّ الفعل ، وبعد ذلك تأتي هيئة المجرد فتنسب هذه العملية إلى الفاعل. فالفرق بين «فعَلَ» و «فَاعَل» ليس في الهيئة الدالّة على النسبة ، بل في المادّة المنتسبة ، فإنها في الأولى لم تحصّص في المرتبة السابقة على انتسابها ، بخلافه في الثانية فإنها حُصّصت.
هذا هو التصوّر الثبوتي لمدّعي المشهور ، ويؤيّده قول المحقّقين من علماء العربية في جميع أجيالها ، مضافاً إلى مساعدة الارتكاز والوجدان من كون الأصل في باب «فاعَل» هو فعْل الاثنين مع شيء من الأصالة والتبعية.