في طول تلك الرابطة التشريعية.
ومن الواضح أن
القسم الأول من الضرر يختلف عن القسم الثاني ، وذلك لأن الأول ضرر تكويني ولا ربط
للتشريع في تحقّقه ، ومن ثم فهو صادق مطلقاً.
أما الثاني
فيختلف صدقه باختلاف الأنظار بالنسبة إلى ذلك التشريع ؛ لذا تقدم أن حكماً واحداً
قد يكون بنظر تشريعي ضرراً دون نظر تشريعي آخر.
إذا اتّضحت هذه
الأقسام نقول : إن الضرر إذا كان مطلقاً ، فلا إشكال في شمول الدليل له. أما إذا
كان مقيّداً ، أي بلحاظ دون آخر ، فهنا لو استفيد من الدليل إمضاء ذلك اللحاظ
والنظر الذي به يصدق عنوان الضرر ، يكون الإطلاق شاملاً له أيضاً ، من قبيل الحكم
بعدم ملكية محيي الأرض في النظام الإسلامي ، وإلّا فلا يشمله ، كمن يتلف الخمر
الراجع إلى الغير مثلاً ، فإنه ليس ضرراً عليه في التشريعات الإسلامية لعدم
اعتبارها مالاً ، ولكنه ضرر في القوانين غير الإسلامية.
شمول الضرر لما يعدّ هتْكاً للكرامة
ثم إننا قلنا :
إن الضرر له جانب موضوعي هو النقص ، فلا بد من تحديد دائرة النقص ، ذكروا : أن
النقص إما أن يكون في النفس أو المال أو العرض ، ولنعبّر عن الثالثة بتعبير أوسع
وهو الكرامة والاعتبار. فإن الحيثيات المرتبطة بالإنسان ، إما حقيقية راجعة إلى
نفسه ووجوده ، وإما اعتبارية كالجاه والعرض والكرامة ، وإما ماليّة. فأي نقص يطرأ
على واحد منها يكون ضرراً بلا إشكال ، كما أن أي زيادة تطرأ في مثل هذه الأمور
تعدّ منفعة.
وتوهم عدم صدق
الضرر بالنسبة إلى العنوان الثالث من هذه العناوين