يكشف تلك المرتبة العالية من الضبط والإتقان التي توجب التقديم. نعم يصحّ التقديم لو فرض أننا تتبعنا عدداً كثيراً من روايات عبادة في جملة من الموارد ، وتأكّدنا من أنها وردت بشكل صحيح ومتقن ؛ فمثل هذا الاستقراء قد يؤدّي إلى اكتشاف مزيد من الضبط والإتقان فيه. أما التطابق في رواية واحدة ولو كانت طويلة فلا يوجب وحده كشف هذه المرتبة من الوثاقة.
وثانياً : أن مثل هذا التطابق المدّعى غير موجود في المقام ، كيف وفي بعض الروايات التي وردت في أقضية النبي (صلىاللهعليهوآله) نحو اختلاف عمّا جاء في رواية عبادة من غير ناحية كون القاعدة مستقلّة أو تعليلاً.
فمنها : أنه ذكر للشفعة ذيلاً غير مذكور في رواية عبادة بن الصامت ، وهي قوله : «إذا أرّفت الأرف وحُدَّت الحدود فلا شفعة». فهذه الجملة قرينة متصلة لرفع اليد عن إطلاق قوله (صلىاللهعليهوآله) في الشفعة.
ومنها : أن جملة من الأقضية التي جاءت في رواية عبادة لم تنقل أصلاً من طرقنا ، وذلك من قبيل قضائه (صلىاللهعليهوآله) بمنع الزوجة من التصرّف في مالها إلّا بإذن الزوج ، ولم يستطع شيخ الشريعة أن يجمع من طرقنا أكثر من ثلث الأقضية الواردة في رواية عبادة ، بل إن ما جمعه من مجموع الأقضية الواردة من طرقنا ولو من غير طريق عقبة يبلغ زهاء النصف ، فهذا أيضاً نحو آخر من عدم التطابق بينهما ، مضافاً إلى جملة من الروايات التي عُزِّزت بها رواية عبادة ضعيفة السند ، فلا يمكن المصير إليها.
وثالثاً : أنه لو فرضت المطابقة الكاملة ، فلا نسلم كونه من قبل عبادة ، لنثبت إتقانه ووثاقته ، بل من المحتمل أن تكون هذه النصوص من موضوعات بعض الوسائط التي بيننا وبين عبادة ، لأن المفروض عدم ثبوت وثاقة تلك