(بَيْنَ السَّماءِ) : يجوز أن يكون ظرفا للمسخّر. وأن يكون حالا من الضمير في المسخّر ؛ وليس في
هذه الآية وقف تام ؛ لأنّ اسم إن التي في أولها خاتمتها.
١٦٥ ـ (مَنْ يَتَّخِذُ) : من نكرة موصوفة.
ويجوز أن تكون بمعنى الذي.
(يُحِبُّونَهُمْ) : في موضع نصب صفة للأنداد.
ويجوز أن يكون في موضع رفع صفة لمن إذا جعلتها نكرة.
وجاز الوجهان ؛ لأن في الجملة ضميرين :
أحدهما لمن ، والآخر للأنداد ، وكنى عن الأنداد ب «هم» ،
كما يكنى بها عمّن يعقل ؛ لأنهم نزلوها منزلة من يعقل.
والكاف في موضع نصب صفة للمصدر المحذوف ؛ أي حبّا كحبّ الله
، والمصدر مضاف إلى المفعول ، تقديره : كحبّهم الله ، أو كحبّ المؤمنين الله.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا
أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) : ما يتعلق به «أشدّ»
محذوف ؛ تقديره : أشدّ حبّا لله من حبّ هؤلاء للأنداد.
(وَلَوْ يَرَى) : جواب لو محذوف ، وهو أبلغ في الوعد والوعيد ؛ لأنّ الموعود والمتوعّد إذا
عرف قدر النعمة والعقوبة وقف ذهنه مع ذلك المعيّن. وإذا لم يعرف ذهب وهمه إلى ما
هو الأعلى من ذلك ؛ وتقدير الجواب : لعلموا أنّ القوة ، أو لعلموا أنّ الأنداد لا
تضرّ ولا تنفع.
والجمهور على يرى ـ بالياء. ويرى هنا من رؤية القلب ،
فيفتقر إلى مفعولين ؛ و (أَنَّ الْقُوَّةَ) سادّ مسدّهما.
وقيل : المفعولان محذوفان ؛ وأنّ القوة معمول جواب لو ؛ أي
لو علم الكفار أندادهم لا تنفع لعلموا أنّ القوّة لله في النّفع والضّر.
ويجوز أن يكون «يرى» بمعنى علم المتعدية إلى مفعول واحد ؛
فيكون التقدير : لو عرف الذين ظلموا بطلان عبادتهم الأصنام ، أو لو عرفوا مقدار
العذاب لعلموا أنّ القوة ، أو لو عرفوا أنّ القوة لله لما عبدوا الأصنام.
وقيل : يرى هنا من رؤية البصر ؛ أي لو شاهدوا آثار قوّة
الله ؛ فتكون أن وما عملت فيه مفعول يرى.
ويجوز أن يكون مفعول يرى محذوفا ، تقديره : لو شاهدوا
العذاب لعلموا أنّ القوة ؛ ودلّ على هذا المحذوف قوله تعالى : (إِذْ
يَرَوْنَ الْعَذابَ). ويرون العذاب من
رؤية البصر ؛ لأن التي بمعنى العلم تتعدى إلى مفعولين ؛ وإذا ذكر أحدهما لزم ذكر
الآخر.
ويجوز أن يكون بمعنى العرفان ؛ أي إذ يعرفون شدة العذاب.
وقد حصل مما ذكرنا أن جواب لو يجوز أن يقدّر قبل : إنّ
القوة لله جميعا ، وأن يقدر بعده.
«ولو» يليها الماضي ؛ ولكن وضع لفظ المستقبل موضعه ، إمّا
على حكاية الحال ، وإمّا لأنّ خبر الله تعالى صدق ، فما لم يقع بخبره في حكم ما
وقع.
وأما (إِذْ) فظرف ، وقد وقعت هنا بمعنى المستقبل ، ووضعها أن تدلّ على الماضي ، إلا أنه
جاز ذلك لما ذكرنا أنّ خبر الله عن المستقبل كالماضي ، أو على حكاية الحال بإذ ،
كما يحكى بالفعل.
وقيل : إنه وضع «إذ» موضع إذا كما يوضع الفعل الماضي موضع
المستقبل لقرب ما بينهما.
وقيل : إنّ زمن الآخرة موصول بزمن الدنيا ، فجعل المستقبل
منه كالماضي ؛ إذ كان المجاور للشيء يقوم مقامه ، وهذا يتكرر في القرآن كثيرا ؛
كقوله : (وَلَوْ
تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ). (وَلَوْ
تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ). و (إِذِ
الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ).
و (إِذْ يَرَوْنَ) : ظرف ليرى الأولى.
وقرئ : ولو ترى الذين ظلموا ـ بالتاء ، وهي من رؤية العين ؛
أي لو رأيتهم وقت تعذيبهم.
ويقرّأ يرون بفتح الياء وضمّها ، وهو ظاهر الإعراب والمعنى.
والجمهور على فتح الهمزة من (أَنَّ الْقُوَّةَ) ، و (أَنَّ
اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ).
ويقرأ بكسرها فيهما على الاستئناف ، أو على تقدير لقالوا :
إنّ القوة لله.
و (جَمِيعاً) : حال من الضمير في الجار ، والعامل معنى الاستقرار.
١٦٧ ـ (إِذْ تَبَرَّأَ) : إذ هذه بدل من إذ الأولى ، أو ظرف لقوله : «شديد العذاب» ، أو مفعول اذكر.
وتبرأ بمعنى يتبرّأ.
(وَرَأَوُا الْعَذابَ) : معطوف على تبرّأ.
ويجوز أن يكون حالا ، و «قد» معه مرادة ، والعامل تبرأ ؛ أي
تبرؤوا وقد رأوا العذاب.
(وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ) : الباء هنا للسببية ؛ والتقدير : وتقطعت بسبب كفرهم.
(الْأَسْبابُ) : التي كانوا يرجون بها النّجاة.
ويجوز أن تكون الباء للحال ؛ أي تقطعت موصولة بهم الأسباب ؛
كقولك : خرج زيد بثيابه.
وقيل : بهم بمعنى عنهم.
وقيل : الباء للتعدية ، والتقدير : قطعتهم الأسباب ؛ كما
تقول : تفرقت بهم الطّرق ؛ أي فرقتهم ، ومنه قوله تعالى : (فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
(كَرَّةً) : مصدر كرّ يكرّ ، إذا رجع.
(فَنَتَبَرَّأَ) : منصوب بإضمار أن ، تقديره : لو أنّ لنا أن نرجع ، فأن نتبرّأ. وجواب لو على
هذا محذوف ، تقديره : لتبرأنا ، أو نحو ذلك.
وقيل : لو هنا تمنّ ، فنتبرأ منصوب على جواب التمني.
والمعنى : ليت لنا كرّة فنتبرأ.