(الْكِتابَ) : مفعول به ؛ أي المكتوب ، ويضعف أن يكون مصدرا.
وذكر الأيدي توكيد ، وواحدها يد ، وأصلها يدي كفلس ، وهذا الجمع جمع قلة ، وأصله أيدي بضم الدال ، والضمة قبل الياء مستثقلة لا سيما الياء المتحركة ؛ فلذلك صيّرت الضمة كسرة ، ولحق بالمنقوص.
(لِيَشْتَرُوا) : اللام متعلقة بيقولون.
(مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) : ما بمعنى الذي ، أو نكرة ، موصوفة ، أو مصدرية ، وكذلك (مِمَّا يَكْسِبُونَ).
٨٠ ـ (إِلَّا أَيَّاماً) : منصوب على الظّرف ، وليس ل «إلّا» فيه عمل ؛ لأنّ الفعل لم يتعدّ إلى ظرف قبل هذا الظرف.
وأصل أيام : أيوام ، فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء تخفيفا.
(أَتَّخَذْتُمْ) : الهمزة للاستفهام ، وهمزة الوصل محذوفة استغناء عنها بهمزة الاستفهام ، وهو بمعنى جعلتم المتعدية إلى مفعول واحد.
(فَلَنْ يُخْلِفَ) : التقدير : فيقولوا : لن يخلف.
(ما لا تَعْلَمُونَ) : «ما» بمعنى الذي ، أو نكرة ، ولا تكون مصدرية هنا.
٨١ ـ (بَلى) : حرف يثبت به المجيب المنفيّ قبله ، تقول : أما جاء زيد؟ فيقول المجيب : بلى ؛ أي قد جاء. ولهذا يصح أن تأتي بالخبر المثبت بعد بلى ، فتقول : بلى ، قد جاء. فإن قلت في جواب النفي : نعم ـ كان اعترافا بالنفي ؛ وصحّ أن تأتي بالنفي بعده ، كقوله : ما جاء زيد؟ فتقول : نعم ، ما جاء.
والياء من نفس الحرف. وقال الكوفيون : هي بل ، زيدت عليها الياء ، وهو ضعيف.
(مَنْ كَسَبَ) : في «من» وجهان :
أحدهما ـ هي بمعنى الذي.
والثاني ـ شرطية ، وعلى كلا الوجهين هي مبتدأة ، إلا أن «كسب» لا موضع لها إن كانت «من» موصولة ، ولها موضع إن كانت شرطية ؛ والجواب (فَأُولئِكَ) ، وهو مبتدأ ؛ و (أَصْحابُ النَّارِ) خبره ؛ والجملة جواب الشرط ، أو خبر من.
والسيئة على فيعلة ، مثل : سيد وهيّن ، وقد ذكرناه في قوله : (أَوْ كَصَيِّبٍ) ، وعين الكلمة واو ، لأنه من ساءه يسوءه.
(بِهِ) : يرجع إلى لفظ من ، وما بعده من الجمع يرجع إلى معناها ، ويدلّ على أن «من» بمعنى الذي المعطوف ، وهو قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا).
٨٣ ـ (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) : يقرأ بالتاء على تقدير : قلنا لهم لا تعبدون ، وبالياء ، لأن بني إسرائيل اسم ظاهر ، فيكون الضمير وحرف المضارعة بلفظ الغيبة ؛ لأن الأسماء الظاهرة كلها غيب.
وفيها من الإعراب أربعة أوجه :
أحدها ـ أنه جواب قسم دلّ عليه المعنى ، وهو قوله : (أَخَذْنا مِيثاقَ) ؛ لأنّ معناه أحلفناهم ، أو قلنا لهم بالله لا تعبدون.
والثاني ـ أنّ «أن» مرادة ، والتقدير أخذنا ميثاق بني إسرائيل على أن لا تعبدوا إلا الله ؛ فحذف حرف الجر ، ثم حذف أن فارتفع الفعل ، ونظيره :
ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى |
|
بالرفع ، والتقدير عن أن أحضر. |
والثالث ـ أنه في موضع نصب على الحال ، تقديره : أخذنا ميثاقهم موحّدين ، وهي حال مصاحبة ومقدرة ؛ لأنهم كانوا وقت أخذ العهد موحّدين ؛ والتزموا الدوام على التوحيد ؛ ولو جعلتها حالا مصاحبة فقط على أن يكون التقدير : أخذنا ميثاقهم ملتزمين الإقامة على التوحيد جاز ؛ ولو جعلتها حالا مقدّرة فقط جاز ؛ ويكون التقدير : أخذنا ميثاقهم مقدّرين التوحيد أبدا ما عاشوا.
والوجه الرابع ـ أن يكون لفظه لفظ الخبر ؛ ومعناه النهي ؛ والتقدير : قلنا لهم لا تعبدوا.
وفيه وجه خامس ؛ وهو أن تكون الحال محذوفة ؛ والتقدير : أخذنا ميثاقهم قائلين كذا وكذا ؛ وحذف القول كثير ؛ ومثل ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ).
(إِلَّا اللهَ) : مفعول تعبدون ؛ ولا عمل للا في نصبه ؛ لأنّ الفعل قبله لم يستوف مفعوله.
(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) : إحسانا مصدر ؛ أي وقلنا : أحسنوا بالوالدين إحسانا.
ويجوز أن يكون مفعولا به ؛ والتقدير : وقلنا : استوصوا بالوالدين إحسانا.
ويجوز أن يكون مفعولا له ؛ أي ووصّيناهم بالوالدين لأجل الإحسان إليهم.
(وَذِي الْقُرْبى) : إنما أفرد ذي هاهنا لأنه أراد الجنس ؛ أو يكون وضع الواحد موضع الجمع ؛ وقد تقدم نظيره.
(وَالْيَتامى) : جمع يتيم ؛ وجمع فعيل على فعالى قليل.
والميم في (وَالْمَساكِينِ) زائدة ؛ لأنه من السكون.
(وَقُولُوا) : أي وقلنا لهم قولوا. (حُسْناً) : يقرأ بضم الحاء وسكون السين وبفتحهما ؛ وهما لغتان مثل : العرب والعرب ، والحزن والحزن ؛ وفرّق قوم بينهما ؛ فقالوا : الفتح صفة لمصدر محذوف ؛ أي قولا حسنا ؛ والضم على تقدير حذف مضاف ؛ أي قولا ذا حسن.
وقرئ بضم الحاء من غير تنوين ، على أن الألف للتأنيث.
(إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ) : النصب على الاستثناء المتّصل ، وهو الوجه.
وقرئ بالرفع شاذا ؛ ووجهه أن يكون بفعل محذوف ، كأنه قال : امتنع قليل ، ولا يجوز أن يكون بدلا ؛ لأنّ المعنى يصير : ثم تولّى قليل.
ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف ؛ أي إلا قليل منكم لم يتولّ ، كما قالوا : ما مررت بأحد إلا ورجل من بني تميم خير منه.
ويجوز أن يكون توكيدا للضمير المرفوع المستثنى منه ، وسيبويه وأصحابه يسمّونه نعتا ووصفا ؛ وأنشد أبو علي في مثل رفع هذه الآية :
وبالصريمة منهم منزل خلق |
|
عاف تغيّر إلّا النؤي والوتد |
(وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) : جملة في موضع الحال المؤكّدة ؛ لأنّ توليتم يغني عنه.
وقيل المعنى : تولّيتم بأبدانكم وأنتم معرضون بقلوبكم ؛ فعلى هذا هي حال منتقلة.
وقيل تولّيتم : يعني آباءهم ؛ وأنتم معرضون ، يعني أنفسهم ؛ كما قال : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) ، يعني آباءهم.
٨٤ ـ (مِنْ دِيارِكُمْ) : الياء منقلبة عن واو ؛ لأنه جمع دار. والألف في دار واو في الأصل ؛ لأنها من دار يدور ؛ وإنما قلبت ياء في الجمع لانكسار ما قبلها واعتلالها في الواحد.
فإن قلت : فكيف صحّت في (لِواذاً)؟
قيل : لما صحّت في الفعل صحّت في المصدر ، والفعل لاوذ.
فإن قلت : فكيف صحّت في ديّار؟
قيل : الأصل فيه ديوار ، فقلبت الواو وأدغمت.
(ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ) : فيه وجهان :
أحدهما ـ أن «ثم» على بابها في إفادة العطف والتراخي ، والمعطوف عليه محذوف تقديره : فقبلتم ، ثم أقررتم.
والثاني ـ أن تكون «ثم» جاءت لترتيب الخبر ، لا لترتيب المخبر عنه ؛ كقوله تعالى : (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ).