ويجوز أن تكون المتعدية ، كقولك : ذهبت بزيد ، فيكون
التقدير : أفرقناكم البحر ، ويكون في المعنى كقوله تعالى : (وَجاوَزْنا
بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ).
ويجوز أن تكون الباء للحال ؛ أي فرقنا البحر وأنتم به ،
فيكون إمّا حالا مقدّرة ، أو مقارنة.
(وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) : في موضع الحال ، والعامل (أَغْرَقْنا).
٥١ ـ وعدنا موسى : وعد يتعدى إلى مفعولين ، تقول : وعدت
زيدا مكان كذا ويوم كذا ، فالمفعول الأول موسى ، و (أَرْبَعِينَ) المفعول الثاني ؛ وفي الكلام حذف تقديره تمام أربعين ؛ وليس أربعين ظرفا ، إذ
ليس المعنى : وعده في أربعين.
ويقرأ واعدنا بألف. وليس من باب المفاعلة الواقعة من اثنين
، بل مثل قولك : عافاه الله ، وعاقبت اللص.
وقيل : هو من ذلك ؛ لأن الوعد من الله والقبول من موسى ،
فصار كالوعد منه.
وقيل : إنّ الله أمر موسى أن يعد بالوفاء ، ففعل.
وموسى مفعل ، من أوسيت رأسه ، إذا حلقته ؛ فهو مثل أعطى فهو
معطى.
وقيل : فعلى من ماس يميس ، إذا تبختر في مشيه ، فموسى
الحديد من هذا المعنى ، لكثرة اضطرابها وتحركها وقت الحلق ؛ فالواو في موسى على
هذا بدل من الياء لسكونها وانضمام ما قبلها. وموسى اسم النبيّ لا يقضى عليه
بالاشتقاق ؛ لأنه أعجمي ، وإنما يشتقّ موسى الحديد.
(ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ
الْعِجْلَ) : أي إلها ، فحذف
المفعول الثاني ؛ ومثله : (بِاتِّخاذِكُمُ
الْعِجْلَ).
وقد تأتي اتخذت متعدية إلى مفعول واحد إذا كانت بمعنى جعل
وعمل ، كقوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ
اللهُ وَلَداً) ، وكقولك : اتخذت
دارا وثوبا وما أشبه ذلك.
ويجوز إدغام الذال في التاء لقرب مخرجيهما ؛ ويجوز الإظهار
على الأصل.
(مِنْ بَعْدِهِ) : أي من بعد انطلاقه ، فحذف المضاف.
٥٢ ـ (لَعَلَّكُمْ) : السلام الأولى أصل عند جماعة ؛ وإنما تحذف تخفيفا في قولك : علّك ، وقيل هي
زائدة ، والأصل علك ؛ ولعل حرف ، والحذف تصرّف ، والحرف بعيد منه.
٥٣ ـ (وَالْفُرْقانَ) : هو في الأصل مصدر ، مثل الرّجحان والغفران ، وقد جعل اسما للقرآن.
٥٤ ـ (لِقَوْمِهِ) : اللغة الجيدة أن تكسر الهاء إذا انكسر ما قبلها وتزاد عليها ياء في اللفظ ،
لأنها خفية لا تبين كلّ البيان بالكسر وحده ؛ فإن كان قبلها ياء مثل «عليه» فالجيد
أن تكسر الهاء من غير ياء ، لأن الهاء خفية ضعيفة ، فإذا كان قبلها ياء وبعدها ياء
لم يقو الحاجز بين الساكنين ؛ فإن كان قبل الهاء فتحة أو ضمة ضمّت ولحقتها واو في
اللفظ ؛ نحو : إنه وغلامه ، لما ذكرنا.
(يا قَوْمِ) : حذف ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة ، وهذا يجوز في النداء خاصة ؛ لأنه لا يلبس
؛ ومنهم من يثبت الياء ساكنة ؛ ومنهم من يفتحها ، ومنهم من يقلبها ألفا بعد فتح ما
قبلها ، ومنهم من يقول : يا قوم ، بضمّ الميم.
(إِلى بارِئِكُمْ) : القراءة بكسر الهمزة ، لأنّ كسرها إعراب ؛ وروي عن أبي عمرو تسكينها فرارا
من توالى الحركات ، وسيبويه لا يثبت هذه الرواية ، وكان يقول : إن الراوي لم يضبط
عن أبي عمرو ؛ لأن أبا عمرو اختلس الحركة فظنّ السامع أنه سكّن. (ذلِكُمْ) : قال بعضهم : الأصل ذانكم ؛ لأنّ المقدم ذكره : التوبة ؛ والقتل ؛ فأوقع
المفرد موقع التثنية ؛ لأن ذا يحتمل الجميع ؛ وهذا ليس بشيء ؛ لأن قوله : فاقتلوا
تفسير للتوبة ، فهو واحد.
(فَتابَ عَلَيْكُمْ) : في الكلام حذف تقديره : ففعلتم فتاب عليكم.
٥٥ ـ (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) : إنما قال : نؤمن لك لا بك ؛ لأن المعنى لن نؤمن لأجل قولك ، أو يكون محمولا
على : لن نقرّ لك بما ادّعيته.
(جَهْرَةً) : مصدر في موضع الحال من اسم الله ؛ أي نراه ظاهرا غير مستور.
وقيل حال من التاء والميم في (قُلْتُمْ) ؛ أي قلتم ذلك مجاهرين.
وقيل : هو مصدر منصوب بفعل محذوف ؛ أي جهرتم جهرة.
و (الصَّاعِقَةُ) : فاعلة بمعنى مفعلة ؛ يقال : أصعقتهم الصاعقة ؛ فهو كقولهم
: أورس النبت فهو وارس ، واعشب فهو عاشب.
٥٧ ـ (وَظَلَّلْنا
عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) : أي جعلناه ظلا
، وليس كقولك : ظلّلت زيدا بظلّ ؛ لأن ذلك يؤدّي إلى أن يكون الغمام مستورا بظلّ
آخر.
ويجوز أن يكون التقدير بالغمام.
والغمام : جمع غمامة. والصحيح أن يقال هو جنس ، فإذا أردت
الواحد زدت عليها التاء.
(الْمَنَّ وَالسَّلْوى) : جنسان.
(كُلُوا مِنْ
طَيِّباتِ) : «من» هنا
للتبعيض ، أو لبيان الجنس ، والمفعول محذوف ؛ والتقدير : كلوا شيئا من طيبات.
(أَنْفُسَهُمْ) : مفعول (يَظْلِمُونَ) ، وقد أوقع «أفعلا» ، وهو من جموع القلة ، موضع جمع الكثرة.
٥٨ ـ (هذِهِ الْقَرْيَةَ) : القرية نعت لهذه.
(سُجَّداً) : حال ، وهو جمع ساجد ؛ وهو أبلغ من السجود.
(حِطَّةٌ) : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي سؤالنا حطّة ، وموضع الجملة نصب بالقول.
وقرئ حطّة بالنصب على المصدر ؛ أي حطّ عنا حطّة.
(نَغْفِرْ لَكُمْ) : جواب الأمر ، وهو مجزوم في الحقيقة بشرط محذوف ، تقديره : إن تقولوا ذلك
نغفر لكم.
والجمهور على إظهار الراء عند اللام ، وقد أدغمها قوم ؛ وهو
ضعيف ؛ لأن الراء مكررة ، فهي في تقدير حرفين ، فإذا أدغمت ذهب أحدهما ،