ويقول ابو الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام : «لعن الله أبا حنيفة كان يقول : قال علي عليهالسلام وقلت أنا (١) وكانت فتاواهم المخالفة عند اهل البيت عليهمالسلام رائجة في تلك الأعصار والأمصار وكان ابناء الزمان الذين هم اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح يتبعونهم ويراجعون اليهم ويأخذون فتاواهم ويعظّمون منزلتهم فمفاد هذه الأخبار الدالة على الإرجاع الى فقهاء الشيعة هو التشديد والمنع الشديد لشيعتهم عن المراجعة الى فقهاء العامة والأخذ منهم.
ففي مقبولة عمر بن حنظلة بعد السؤال عن أبي عبد الله عليهالسلام عن رجلين من اصحابنا بينهما منازعة في دين او ميراث فتحاكما الى السلطان والى القضاة أيحل ذلك؟ قال : «من تحاكم اليهم في حق أو باطل فانما تحاكم الى الطاغوت وما يحكم له فانما يأخذ سحتا وان كان حقا ثابتا له لأنه اخذه بحكم الطاغوت وما امر الله ان يكفر به قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(٢) قلت : فكيف يصنعان؟ قال : ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما ...» (٣) فالنظر في هذا الحديث الى المنع الشديد عن الرجوع الى فقهاء العامة والتأكيد البليغ الى لزوم الرجوع الى فقهاء الشيعة المتصفين بالأوصاف المذكورة فيه فلا نظر فيها اصلا الى صورة اختلاف فقهاء الشيعة من حيث العلم والفقاهة واختلاف فتاواهم فلا يكون له الاطلاق الأحوالي اذ ليس في مقام البيان
__________________
(١) الحديث ٣ من الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ج ١٨ الوسائل ص ٢٣.
(٢) الآية ٦٠ من سورة النساء.
(٣) الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ج ١٨ الوسائل ص ٩٨.