المؤذّن في الدنيا والآخرة (١).
إذن فالإمام علي هو عين الدين والاعلام الحقيقي له ، كما أنّه هو نفس الرّسول في آية المباهلة ( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) ونرى هذه العينية تنطبق في إبلاغ سورة براءة ، فقد قال رسول اللّه لأبي بكر حينما سأله عن سرّ ارجاعه عن تبليغ سورة براءة بقوله : قيل لي : إنّه لا يبلّغ عنك إلاّ أنت أو رجل منك (٢).
وبذلك فقد عرفنا من كلّ ما تقدم وجود فصل ثابت في الأذان دالّ على الولاية ، وهو الحيعلة الثالثة ، وعمر بن الخطاب سعى لحذفه مما دعا الإمام الكاظم على لزوم الحثّ على الولاية والدعوة إليها ، أي أنّ الدعوة جاءت للحفاظ على السنّة النبوية في الحيعلة مع بيان مفاهيمها ، بأن معنى الولاية كان موجودا في الأذان ومنه تشريعه في الاسراء والمعراج بصورته الكنائية « حي على خير العمل » وان التأكيد على الحث عليها كان مما يريده الإمام الصادق كذلك ، ولاجل ذلكترى اتباع ابني الإمام الصادق ـ أي اتباع الإمام الكاظم وهم نحن ، واتباع إسماعيل بن الصادق وهم الاسماعيلية ـ كانوا يؤذنون بالحيعلة الثالثة مع تفسيرها.
وكذا ان فتح معنى الحيعلة كان مرضيا للإمام الباقر والإمام السجاد ، ذلك لأن الزيدية تجيز فتح معنى الحيعلة الثالثة وقد صرح الإمام السجاد بأن جملة « حيّ على خير العمل » كان في الأذان الاول ، ومن كل هذا السير التاريخي تعرف معنى تشجيع الإمام علي للقائل بالحيعلة الثالثة : «مرحبا بالقائلين عدلاً» كل ذلك تعريضا بعمر الذي حذفها.
وعليه فالنهج الحاكم كان في تضاد مع كل ما يمت إلى أهل البيت بصلة وهذا يدعونا إلى مطلوبية الاصرار والإجهار بها في هذه الأزمنة لكي يُمَيَّزَ بها المؤمن
__________________
(١) معاني الأخبار : ٥٩ ، في خطبة خطبها عليهالسلام في الكوفة بعد منصرفه في النهروان.
(٢) انظر الخصال : ٣٦٩ ، ٥٥٨ ، ٥٧٨ ، المسترشد : ٣٠٢.