قد اتّضح من عبارة الصدوق الآنفة ، وممّا حكيناه من سيرة المتشرّعة في تلك الفترة وما بعدها أنّ الشيعة في حمص (١) ، وبغداد (٢) ، ومصر (٣) ، وحلب (٤) ، واليمامة (٥) ، والشام (٦) ، كانوا يؤذّنون بالشهادة الثالثة بعد الحيعلة الثالثة أو بعد الشهادة الثانية ، بصيغ متفاوتة دالة على الولاية ، وكان جامعها المشترك أنّ محمّدا وعليّا هما خير البشر ، لأنّ الخيريّة الملحوظة في خير العمل هي عنوان لإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين عليّ أمير المؤمنين ، والذي هو نفس رسول اللّه ، وأخوه ، ووصيّه ، وخليفته من بعده ، وهو خير البشر وخير البريّة حسب تعبير الروايات المتظافرة عن المعصومين وخصوصا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الموجودة في كتب الفريقين.
والآن لنواصل امتداد هذه السيرة في عهد السيّد المرتضى رحمهالله لنرى بعض ملامحها ظاهرةً في شمال العراق ، وبالتحديد في مدينة ميافارقين القريبة من مدينة الموصل العراقية.
فقد سأل جمعٌ من الشيعة هناك مرجعهم وعالمهم ذا الحسبين السيّد الشريف علي بن الحسين الشهير بالمرتضى بست وستين مسألة ، وكان السؤال الخامس
__________________
(١) بغية الطلب ٢ : ٩٤٤.
(٢) نشوار المحاضرة ٢ : ١٣٣.
(٣) المصدر نفسه. وانظر المواعظ والاعتبار ٢ : ٣٤٠ ، ووفيات الأعيان ١ : ٣٧٥ ، وأخبار بني عبيد : ٥٠ ، والمنتظم ١٤ : ١٩٧.
(٤) اليواقيت والضرب ، لإسماعيل أبي الفداء : ١٣٤ تحقيق محمد جمال وفالح بكور. بغية الطلب ٦ : ٢٠٧١ ، تاريخ الإسلام ٣٨ : ١٨.
(٥) سفرنامه ناصر خسرو : ١٤٢.
(٦) البداية والنهاية ١١ : ٢٨٤.