وقال ابن خلّكان بعد الخبر السابق : وفي يوم الجمعة الثامن من ذي القعدة أمر جوهر بالزيادة عقب الخطبة : اللّهم صلّ على محمّد المصطفى ، وعلى عليّ المرتضى ، وعلى فاطمة البتول ، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول ، الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اللّهم صل على الأئمة الطاهرين .. (١).
فالإعلان بتفضيل عليّ على غيره ، والجهر بالصلاة عليه ـ بعد ابن عمّه ـ وعلى فاطمة وعلى الحسن والحسين ، وكذا الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم ، وحيّ على خير العمل ، والصلاة على الخمسة أهل الكساء ، كلّها اُمور تصحيحية تبنّاها الفاطميون. والشيعة آنذاك كانوا يهتمون بتطبيق ما هو الاهم تاركين ما هو المهم.
ولا ينكر الشيخ المفيد ولا غيره من فقهائنا بأنّ الصلاة على محمّد وآله قد جاءت في التشهّد ، والتسليم ، وخطبة صلاة الجمعة ، وفي غيرها من عشرات الموارد التي سنذكرها لاحقا إن شاء اللّه تعالى (٢) ، فكان اعتقاد فقهاء الإمامية هو أنّ عمل هؤلاء كافٍ للحفاظ على الشـرعية في مثل هذه الأمور.
وقد مرّ عليك سابقا بأنّ الشيعة ـ في سنة ٣٤٧ هـ ـ زادوا في حلب « حي على خير العمل محمد وعلي خير البشر » (٣) ، وضربوا على دنانيرهم : « لا اله إلاّ اللّه ، محمد رسول اللّه ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فاطمة الزهراء ، الحسن ، الحسين ، جبرئيل » (٤).
نعم إنّ أعمالاً كهذه في مصر والشام وغيرها كانت تثير حفيظة العباسيين في بغداد وغيرها من البقاع التي كانت تحت سلطنتهم ، فمن المنطقيّ جدّا أن يترك الشيخ المفيد ذِكْرَ الشهادة بالولاية لعليّ تخفيفا لحدّة النزاع الدائر آنذاك ؛ لما فيها
__________________
(١) وفيات الاعيان ١ : ٣٧٩ ، تاريخ الخلفاء : ٤٠٢.
(٢) كان من المقرر بحثها لكنا تركناها خشية الاطالة.
(٣) خطط المقريزي ٢ : ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٤) أعيان الشيعة ٨ : ٢٦٩. وقد يكون في هذا إشارة إلى قصة أصحاب الكساء.