من قبل رسول اللّه ؛ إذ قال لهم بما مضمونه : أما وعيتم خطبتي يوم الغدير لعلي بالولاية؟ وما قلته قبل ذلك في أبي ذر وأنّه أصدق ذي لهجة؟ وإنّي قد عنيت بكلامي أمرا ، وخصوصا حينما جمعتكم في ذلك الحر الشديد والصحراء الملتهبة عند غدير خُمّ. ويكون معنى كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّي أحبّ أن يُؤتى بهذا ، ولكن لا ألزمكم به.
أنا لا اريد أن استدل بهذا الكلام في بحثي ، لأ نّه كلام عامي ومرسل لا يمكن الاعتماد عليه في الاستدلال ، وذلك لوجود قرائن وأدلة قو ية تعينني للوصول إلى ما اريد قوله مستغنا عن هذه الحكاية وامثالها ، لكني في الوقت نفسه لا استبعد صدور هذا النص عن سلمان وأبي ذر ، لأ نّه كان بمقدورهما التعرف على ملاكات الاحكام وروح التشريع ، فهما كانا من خلص أصحاب الرسول وحواري الإمام علي.
وقد جاء في كتاب الاحتجاج عن عبداللّه بن الصامت ، قال : رأيت أبا ذر الغفاري آخذا بحلقة باب الكعبة مقبلاً على الناس بوجهه وهو يقول : أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فسأنبئه باسمي ، أنا جُندَب بن [ جنادة بن ] السكن بن عبداللّه ، أنا أبو ذر الغفاري ، أنا رابع أربعة ممّن أسلم مع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ... إلى أن قال : أيَّتُها الأ مّة المتحيّرة بعد نبيّها ، لو قدّمتم من قدّمه اللّه ، وأخّرتم من أخّره اللّه ، وجعلتم الولاية حيث جعلها اللّه ، لما عال وليّ اللّه ، ولما ضاع فرض من فرائض اللّه. ولا اختلف اثنان في حكم من أحكام اللّه (١).
وما جاء عنه أيضا : أيّها الناس ، إنّ آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هم الأسرةُ من نوح ، والآلُ من إبراهيم ، والصفوة والسلالة من إسماعيل ، والعِترَةُ الطيبة الهادية من محمّد ، فأَ نْزِلوا آل محمدٍ بمنزلة الرأس من الجسد ، بل بمنزلة العينين من الرأس ، فإنّهم
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ١٥٨. وانظر معاني الاخبار : ١٧٨ قريب منه.