الآخرين وعلى
رواياتهم تبعا لذلك ، وبمقايسة بسيطة بين كلامي الشيخ الصدوق القمّي في « الفقيه » وبين الشيخ الطوسي البغدادي في « المبسوط » حول في الشهادة الثالثة تقف بوضوح على ما قلناه من افتراق
هذين المنهجين.
فالصدوق رحمهالله يرمي القائلين
بالشهادة بالولاية بالغلوّ والتفويض بمحض الادّعاء ؛ إذ ليس في كلامهم ما يدل على
ذلك ، لان الصيغ الثلاث التي أتى بها الصدوق رحمهالله ليس فيها ما يدلّ على التفويض والغلوّ ، لأنّ المؤذّن يشهد
بالولاية لعلي وهو حقّ عند الصدوق ، فلا تراه يقول : اشهد ان عليا محي الموتى ورازق العباد ، حتّى يُنتزَع منه الغلوّ والتفو يض.
وسيأتي في بحوث
لاحقة أنّ القائل بالشهادة الثالثة قد يدفعه لذلك أمرٌ آخر غير الجزئية ؛ فقد يكون
القائل بها قالها لكي يبيّن للمفترين عليه أنّه لا يقول بِأُلوهيّة عليّ ، وكذا لا
يقول بأنّ معرفته بالإمام تسقط عنه التكاليف الشرعية. لأ نّه يشهد للّه
بالوحدانية ، وللنبي بالنبوة ، ولعلي بالولاية والإمامة داعيا المؤمنين لادى الفرض
الالهي.
وفَرضُ سماعِ
الشيخ الصدوق ، أو أحد مشايخه القول بالشهادة الثالثة في الأذان من أحد القائلين
بها ، لا يعني أنّهم وضعوها إذ قد يكونون قالوها من باب القربة المطلقة ، أو لرفع
ذكر علي ، أو لدفع تهم المتهمين للشـيعة بأ نّهم غلاة ، أو لغير ذلك من الأسباب
المحتملة في مثل هذا الأمر .
وأمّا الشيخ
الطوسي رحمهالله فلم يرمِ القائلين بالشهادة الثالثة بالوضع ، بل أخبرنا بوجود أخبار شاذة لا
يُعمل بها عند الطائفة ، لكن لو فعلها انسان وعمل بها لم يأثم ، وهو منهج صحيح
يقبله كل فقيه ـ أو متفقه ـ في بت الأحكام ، فهو قد
__________________