ضيوفهم ، وأن يهيئوا لهم ما يحتاجون من متطلبات الحياة الضرورية على الأقل .
فكان إذا هاجر بعض المسلمين ، وزّعهم رسول الله ، اثنان اثنان ، أو ثلاثة ثلاثة . . أو . . حسب العدد على إخوانهم المهاجرين الذين استقرت بهم الدار في المدينة وأصبحوا قادرين على النهوض بأنفسهم وعوائلهم .
والذي يظهر ، أن المقداد كان من جملة أولئك الوافدين المهاجرين الجدد ، وكان في عدد لا يستهان به ، كما يلحظ ذلك في مطاوي كلامه ، فقد ذكر أحمد بن حنبل بسنده عن المقداد ، قال :
لما نزلنا المدينة ، عشرنا رسول الله ( ص ) عشرةً عشرةً في كل بيت ! قال : فكنت في العشرة الذين كانوا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله (١) .
إلا أن هذه الإِقامة في بيت الرسول لا تكون طويلةً بحسب العادة ، إذ يتخللها بعوثٌ وسرايا وغزوات ، قد يطول أمدها ، وعند العودة يتبدّلُ المكان ، سيّما إذا اخذنا بعين الإِعتبار ما لرسول الله ( ص ) من هيبةٍ في نفوس المسلمين تزرع في نفوسهم الخجل من أن يكلموه في النزول عليه وفي ضيافته .
يستفاد ذلك من حديث آخر مروي عن المقداد ، حيث قال : أقبلتُ أنا وصاحبان لي وقد ذهبتْ أسماعُنا وأبصارُنا من الجَهْد (*) فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله ( ص ) فليس أحد منهم يقبلنا . » لا لبخل فيهم ، بل لأنهم كانوا مقلّين ليس عندهم شيء ! « فأتينا النبي ( ص ) ، فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز ! » .
فقال النبي ( ص ) : إحتلبوا هذا اللبن بيننا .
____________________
(١) : لإِستيعاب ( على هامش الإِصابة ) ٣ / ٤٧٦ .
(*) : الجهد : الجوع والتعب والمشقة .