بين المقداد وعثمان
المصادر التاريخية لا تشير إلى أي لون من ألوان الخلاف بين عثمان والمقداد قبل حادثة الشورى ، لا من قريب ولا من بعيد ، حتى إذا بدأت الشورى بدأ معها الخلاف بينهما ! وكان خلافاً يحسبه الغافل أنه ناجم عن عداء قديم مستشرٍ بينهما ، سيما إذا أخذنا بعين الإِعتبار مواقف المقداد الصلبة من عثمان في تلك الفترة ، غير أن نظرة تأمل منا في نوعية هذا الخلاف كافية في إيقافنا على حقيقة الأمر ، من أن ما جرى بينهما لم يكن مرده لعداءٍ شخصي ، بل هو خلاف مبدئي تطور فيما بعد ليأخذ صفة العداء والجفوة بين الطرفين .
واضحٌ أن الخلافة أمانة عظمى في عنق متقلدها ، ومسؤولية كبرى في عاتقه عليه أن ينهض بأعبائها ، وإلا فهي الخيانة ! وبيعة عثمان ؛ أخذ فيها عليه شرطان صريحان غير كتاب الله ، هما : « سنة رسول الله وسيرة الشيخين ابي بكر وعمر ( رض ) بهما تصح بيعته وبدونهما لا بيعة قائمة ولا خلافة .
تُرى
! أيطوي الصحابة كشحاً عن بعض التصرفات المخالفة ـ صراحةً ـ لسنة الرسول ( ص ) أو لسيرة الشيخين . يرون الخليفة متلبساً بها ؟! بالطبع ، لا ! إذا كانوا مخلصين لدينهم ، صادقين في تدينهم ؛ وهنا تكمن نقطة الخلاف بينه وبينهم بشكل عام . والمقداد واحد من الصحابة المخلصين لا يمكنه بحال السكوت أزاء حالات كهذه ، لذا ،