فكرة الشورىٰ وابعادها
أرسل المغيرة بن شعبة * إلى عمر يقول : « إن عندي غلاماً نقاشاً نجاراً حداداً فيه منافع لأهل المدينة ، فإن رأيت أن تأذن لي في الإِرسال به ، فعلتُ . » فإذن له . (١) فبعث بغلامه أبي لؤلؤة فيروز الفارسي .
وكان عمر لا يأذن لسبيىٍّ قد احتلم في دخوله المدينة حتى كتب إليه المغيرة بن شعبة . (٢)
مكث أبو لؤلؤة في المدينة فترة غير طويلة لا تتعدى الأشهر كان سيده المغيرة قد فرض عليه في خلالها ضريبةً قدرها مائة درهم لكل شهر .
في هذه الفترة كانت أقبية المدينة تشهد لوناً من ألوان الصراع الحزبي كشفت عنه الأيام فيما بعد وكان للأمويين والمؤلفة قلوبهم والمنافقين دور كبير فيه ، وفي هذه الفترة أيضاً ومن خلال ذلك الصراع العنيف يبدو للمتتبع أن مؤامرة ما كانت تحاك في الظلام ، وربما استهدف فيها الخليفة نفسه ! سيما إذا أخذنا بعين الإِعتبار السياسة الخشنة التي انتهجها عمر والتي لا ترضي أقطاب قريش . .
ومرت
الأيام تتوالى سراعاً حتى إذا كان الظرف مؤاتياً والأمر مستوسقاً بدأ
____________________
١* : المغيرة بن شعبة ، قال عنه الشعبي : كان من دهاة العرب . وقال قبيصة بن جابر : صحبت المغيرة ، فلو أن مدينةً لها ثمانية أبواب لا يُخرج من باب منها إلا بالمكر ، لخرج المغيرة من أبوابها كلها ( الإِصابة ٣ / ٤٥٢ ) .
(١) : مروج الذهب ٢ / ٣٢٠ .
(٢) : تاريخ الخلفاء ١٥٢ .