واعجباً من قريش واستئثارهم بهذا الأمر على أهل هذا البيت ، معدن الفضل ، ونجوم الأرض ، ونور البلاد ! والله إن فيهم لرجلاً ما رأيت رجلاً بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله أولى منه بالحق ، ولا أقضى بالعدل ولا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر !
فسألت عنه ، فقيل : هذا المقداد . فتقدمت إليه وقلت : أصلحك الله ؛ من الرجل الذي تذكر !؟
فقال : ابن عم نبيك رسول الله صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب .
قال : فلبثت ما شاء الله ، ثم لقيت أبا ذر رحمه الله فحدثته بما قال المقداد . فقال : صدق ؛ قلت : فما يمنعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم ؟!
قال : أبى ذلك قومهم :
قلت : فما يمنعكم أن تعينوهم ؟!
قال : مَهْ (١) ؟ لا تقل هذا ، إياكم والفرقة والإِختلاف (٢) !!
ومرةً ثالثةً نراه ينهج نهجاً أشد لا يخلو من القسوة ؛ والصراحة الزائدة في التعبير عما يجول في نفسه ، أزاء هذا الأمر ، واضعاً خصمه أمام الأمر الواقع غير متحرج ولا مداهن كما حدث ذلك بينه وبين عبد الرحمن بن عوف ـ على ما جاء في شرح النهج ـ .
قال
جندب * بن عبد الله الأزدي : كنت جالساً بالمدينة حيث بويع
____________________
(١) : مَهْ : اكفف .
(٢) : شرح النهج ٩ / ٢١ .
(*) : جندب : بن عبد الله بن الأرقم الأزدي الغامدي . . يقال له جندب
الخير ( الاصابة / ٢٤٨ ) وكان جندب بعد لقائه هذا قد ذهب الى العراق واقام فيها وكان
ينشر =