وإيضاح المعنى اللطيف مع ما لا يتسغني التأويل عنه من العلوم المذكورة ، وأوردناه عشراً عشراً ليسهل وجود المطلوب منه ، وإنّا لنسأل الله تعالى أن يصلّي على محمّد وأهل بيته وأن يُحسن ثوابي عمّا يرضاه ويغفر زللي فيما سواه ، فقد علم ـ جلّت قدرته ـ ما أردت من البيان عمّا في كتابه من شرف النظم والأسلوب الممتنع عن الخلق ، وإنّي توقّيت بجهدي أن أحِلّ حراماً أوأحرّم حلالا أو أفضّل ناقصاً ، أو أنقص ـ وأعوذ بالله ـ فاضلا أو أقطع على مراد الله في المتشابه أو أخرج عن الإجماع في المحكم ، ويعلم الله لقدصنعته وأنا أراوح بين إملائه والاستغفار متأرجحاً بين الأمل والحذار ، وفي سعة رحمة الله تحقيق أحسن ما ظننت وهِبته ما أعلنتُ لما أكننتُ ، ولكلّ امرىء ما نوى(١) (وَحَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ)(٢).
ومن طلب تأويلا يعرفه ففقده في هذا الكتاب فلا يظنّ بنا إغفالا له ، فإمّاأن يكون قد استوفينا شرحه في موضع آخر رأيناه أليق به ، فإنّ متشابه التلاوة كثير ، وإمّا أن يكون لم نره أهلا لأن نُثبته وكرهنا التطويل بذكر الوجه الذي يطلّ منه ، غير مدّعين في ذلك كلّه ولا في شيء منه الإحاطة ، ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) حديث معروف عن النبيّ رواه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطابّ «قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : إنّما الأعمال بالنيّات ، وإنّما لكلّ امرىء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ـ وفي رواية يتزوّجها ـ فهجرته إلى ما هاجر إليه».
(٢) سورة آل عمران الآية : ١٧٣.