ولابدّ لنا من الإشارة هنا إلى أمر مهمّ وهو أنّ الشيخ الطوسي كثيراً ما نقل عن المغربي في كتابه التبيان من دون الإشارة إلى اسمه.
ويتّضح لنا هذا الأمر بوضوح في المواضيع التي تفرّد بها الوزير المغربي في تفسيره وذلك مثل الآراء التفسيرية الشاذّة التي وردت في تفسير المغربي دون غيره ، أو النقل المباشر من العهدين القديم والجديد(١) ، فقدعلّق الوزير المغربي في المصابيح في تفسير القرآن على قوله تعالى (مَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التبيان ٣ / ٤٤٨ بهذا الكلام على النحو التالي : «وقال الحسين بن علي المغربي : معنى إذاقمتم : إذا عزمتم عليها وهممتم بها».
حيث انتقلت عباراته بعد ذلك إلى سائر تفاسير الشيعة ، (أنظر روض الجنان ٦ / ٢٦٧ ، فقه القرآن للراوندي ١ / ١٣) وكذلك ذكرها الطبرسي في مجمع البيان (٣ / ٢٥٣)بتفصيل أكثر بالنحو التالي : «معناه إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم على غير طهروحذف الإرادة لأنّ في الكلام دلالة على ذلك».
ويبدو أنّ ابن عاشور أخذ هذا الرأي من تفاسير الشيعة ولكن لم يذكر اسم المغربي ، وبما أنّه ذكر الطبرسي في كلامه كراراً وأنّ الطبرسي أيضاً ذكر هذا الكلام من المغربي فلا يستبعد أن يكون قد أخذ الكلام من الطبرسيّ : «ومعنى إذا قمتم إلى الصلاة : إذا عزمتم على الصلاة ، لأنّ القيام يطلق في كلام العرب بمعنى الشروع في الفعل» (التحرير والتنوير ٥ / ٤٩ ـ ٥٠).
(١) لقد بحثت كثيراً فلم أعثر على مفسّر شيعيٍّ أو سنّيٍّ مثل الوزير المغربي يحيل في تفسيره مباشرة إلى نصّ العهدين أو إلى أقوال علماء اليهود والنصارى المعاصرين له ، وإنّه قد ذكر حتّى أسامي أناجيل يوحنّا ، لوقا ، متّي ، مرقس ، كما ذكر كذلك أرقام الأبواب والآيات في الأناجيل والأسفار الخمسة من التوراة وإنّ ما ذكره في هذا المجال كثيرٌ جدّاً بحيث سوف أفرد له مقالة على حدة.