والإذعان بمراتبهم ، فأنشد في مدائحهم ما أبدى فضله ورسوخه في محبَّتهم ، حتّى أنّ الصادق عليهالسلام سمّاه سيّد الشعراء(١) بعد أن سمّاه قومه سيّداً.
قال أبو عمرو الكشّي : إنّ الحميري ذهب إلى الصادق عليهالسلام ، فقال عليهالسلام له : «سمّاك قومك سيّداً وقد أدركت التوفيق وجعلت سيّد الشعراء» ، وهو يقول بعد ذلك في مقام التفخّر :
ولقد عجبت لقائل لِيَّ مرة |
|
علاَّمَةً فَهْمٌ من(٢) الفُقَهاءِ |
سَمّاكَ قومك سيداً صَدَقوا [به](٣) |
|
أنت الموفق سيد الشعراءِ |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الرجوع إليهما فأبيت في المساجد جائعاً لحبّي فراقهما وبغضي إيّاهما حتّى إذا أجهدني الجوع رجعت فأكلت ثمّ خرجت ، فلمّا كبرت قليلا وعقلت وبدأت أقول الشعر. قلت لأبويّ : إنّ لي عليكما حقّاً يصغر عند حقّكما عليَّ فجنّباني إذا حضرتكما ذكر أمير المؤمنين عليهالسلام بسوء ، فإنّ ذلك يزعجني وأكره عقوقكما بمقالتكما ، فتماديا في غيّهما ، فانتقلت عنهما ، وكتبت إليهما شعراً ، وهو :
خِفْ يا محمدُ فالِقَ الإصْباح |
|
وأزِل فَسادَ الدينِ بالإصْلاحِ |
أتسُبَّ صِنْوَ محمّد ووصيَّهُ |
|
ترجو بِذاكَ الفَوْزَ بالإنجاحِ |
هيهاتِ قد بَعُدَتْ عَليك وقُرّبا |
|
منك العذابُ وقابضُ الأرواحِ |
أوصى النبيُّ له بخيرِ وصيّة |
|
يومَ الغديرِ بأبْيَنِ الإفْصاحِ |
فتواعداني بالقتل ، فأتيت الأمير عقبة بن مسلم فأخبرته خبري ، فقال لي : لا تقربهما ، وأعدّ لي منزلا أمر لي فيه بما أحتاج إليه ، وأجرى عليَّ جراية تفضل عن مؤونتي. أخبار شعراء الشيعة : ١٥٤ ـ ١٥٥.
(١) رجال الكشّي ٢ / ٥٧٤ ح ٥٠٧ ، بحار الأنوار ٤٧ / ٣٢٦.
(٢) كذا في الكشّي ، وفي (خ) : فهّامة.
(٣) من الكشّي.