ويستحقّون أن يُغار عليهم ، وتنهب أموالهم. ولكنّه قد عفا عنهم ، وهم الآن في أمان ، وحمل ثوباً وأهداه إلى الحاجّ صالح الحملة دار ، ليكون له الأمر والنهي على الحجّاج ، ولم يعلم الناس بما كان يضمره لهم ، ولذلك فرحوا وتصوّروا أنّ ذلك سيجنّبهم سطوة الأعراب والأشرار ، ويجعلهم في مأمن منهم. خلاصة الكلام : أنّ مشعل بن حزال ـ شيخ قبيلة بني عنيزة ـ كان يريد أخذ حصّته من الخاوة ، ويقول إنّها تبلغ ثلاثين ألف دينار ، وأضاف قائلاً : إنّكم إن أعطيتموها لي سمحت لكم بالذهاب ، وإلاّ فإنّي سأجرّد جميع الأفراد من ممتلكاتهم. القصد أنّ التفاوض قام على هذا الأساس.
جاء الحاجّ مفلح بخمسة رجال ، أجرة الواحد منهم ريالاً إفرنجيّاً ؛ ليقوموا بواجب الحراسة ليلاً ، فوافقت على ذلك وباشروا عملهم. والحقيقة أنّا بتنا ليلتنا في أمان من شرّ أولئك الأشقياء ، بيد أنّ الحجّاج من الكبار إلى الصغار أحيوا تلك الليلة حتّى الصباح.
كان الماء في ذلك الموضع مالحاً وفي طعمه شيء من المرارة ، علاوة على أنّه في مكان ناء عن الحجّاج قليلاً ، وإذا أرادوا جلب الماء كانوا يتجرّدون ويذهبون على شكل جماعات ، وإذا أراد أحد أن يذهب لحاجة عند الماء لم يكن ليجرؤ على الانفصال عن سائر الحجيج لرفع حاجته ثمّ العودة إليهم ، فكان يضطرّ إلى اصطحاب شخص معه مسلّح بحربة ، لينشغل في قضاء حاجته ، والآخر يقف حارساً عليه.
ماذا أقول وماذا أكتب عن ظلامة الحجيج؟! كانوا مبتلين في مصيبة لا