المحيط الهندي وصولاً إلى مضيق باب المندب والدخول إلى البحر الأحمر والرسو في ميناء جدّة ، الأمر الذي يغنيه عن عناء سفر البرّ ، وقطع هذه المفازات الشاسعة؟ ولكنّ هذه الغرابة سرعان ما تزول إذا علمنا أنّ شيعة الهند قد سبقوا حتّى إخوانهم من الإيرانيين في الاعتقاد بأن الذي يروم الحجّ إلى بيت الله الحرام لا بدّ له حتماً من زيارة العتبات المقدّسة للأئمّة الأطهار في العراق ، واعتبار ذلك واجباً بوصفه مقدّمة للواجب.
أبطال هذه الرحلة :
لقد كان في ضمن القافلة التي التحق بها الأمير الحافظ محمّد عبد الحسين الكرناتكي الكثير من الشخصيّات التي تكرّر ذكرها في الكثير من مواطن هذه الرحلة ، وكان منهم قادة القوافل والتجّار والوجهاء وعلماء الدين والحرّاس والرماة والحمّالون والناس العاديّون ، ومما يلفت الانتباه في هذه الرحلة هو تصوير المؤلّف لشخصيّات هذه الرحلة وأبطالها ، حيث تتكشّف هذه الشخصيّات عن أمزجة وسجايا مختلفة ، حيث تجد بين مجموع أبطال الرحلة مختلف أصناف الناس ، فمنهم : المخلص ، والانتهازي ، والشحيح ، والنبيل والوضيع ، فبينما تراه يذكر شخصية في بداية الرحلة بالثناء والتبجيل ، حتّى تتغيّر صورته بعد مدّة طويلة عنها ، إذ تتكشّف هذه الشخصية عن إنسان آخر هو غيره الذي حاول أن يكونه في بداية الرحلة ، وقد قيل قديماً : (إذ أردت أن تعرف شخصاً على حقيقته فاصحبه في سفر) ، وقد أبقى المؤلّف