حيث أتى بعد أن فاته الحجّ ، وأما الشطر الآخر فقد اختار مواصلة الطريق والبقاء في الحجاز لإدراك الحجّ في العام المقبل ، وكان مؤلّف رحلتنا الأمير الكرناتكي من الذين اختاروا البقاء ومواصلة الطريق والإقامة في المدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة إلى العام المقبل ، وهكذا كان.
وعلى الرغم من العنوان العربي الذي تحمله الرحلة تذكرة الطريق في مصائب حجّاج بيت الله العتيق ، إلاّ أنّها كتبت باللغة الفارسية ، ومما يميّزها أنّها تعتبر من أقدم الرحلات التي كتبت في العصر القاجاري في إيران ، وأنّ مؤلّفها ذو موقع مرموق حيث ينتمي إلى سلالة من الأمراء ، وهو الأمر الذي يتيح له بعض المزايا التي لا تتاح لغيره ، وأنّه من الشيعة الإمامية الإثنى عشرية ، وهو فخور بانتمائه العقائدي والمذهبي ، كما يبدي اهتماماً شديداً بالتواريخ الدينية حتّى ليخال لقارئ الرحلة أنّه يقرأ تقويماً أو روزنامة تاريخية ، كما أنّه يعتمد في تأريخ أحداث رحلته بالإضافة إلى السنة الهجرية سنة أخرى خاصّة به ـ وهي السنة التي اعتمدها في كتابه أنيس الشيعة على ما مرّ بيانه ـ وقد اصطلح عليها بـ : (السنة الجلوسية) في إشارة منه إلى يوم خلافة أمير المؤمنين وجلوسه على سدة حكم الأمّة الإسلامية ؛ ليبيّن عمق تمسّكه ويعبّر عن اعتزازه بولاية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
وقد يتبادر إلى ذهن القارئ سؤال يقول : ما الذي يدعو أميراً هنديّاً إلى أن يقصد الحجّ وشدّ الرحال إلى مكّة المكرّمة من أرض العراق ، ولا يتوجّه إليها مباشرة من الهند ، حيث يمكنه أن يعدّ لنفسه مركباً فارهاً يمخر به عباب