الحقائق التاريخية ، فإذا كانت الصحافة المعاصرة والإعلام الراهن يرصد الوقائع والأحداث بالصوت والصورة ، فقد كان كتاب الرحلات والسير يمارسون ذات الدور في تصوير الأحداث والوقائع والمشاهد ، ولكنّهم إنّما يصوّرون ذلك بأقلامهم وبيانهم ودقّة ملاحظتهم ، وإذا أردنا أن نجري مقاربة لبيان الفارق بين رحلة ابن جبير مثلاً ورحلة مؤلّفنا الأمير الكرناتكي الهندي ، أمكن لنا القول بأنّ رحلة ابن جبير تمثل فيلماً متسلسل الأحداث ، بينما رحلة تذكرة الطريق تمثل ألبوماً مشتملاً على الكثير من الصور الفوتوغرافية التي التقطها في مناسبات متفرّقة ، وبعبارة أخرى : إن رحلة ابن جبير عبارة عن صور متلاحقة ، بينما رحلة الكرناتكي عبارة عن صور منفصلة ، نعم قد تكون هناك العديد من الصور التي تؤخذ لمكان واحد ، ولكنّها مع ذلك تبقى منفصلة عن بعضها.
تعود اللغة الفارسية التي استعملها الأمير الكرناتكي في كتابة هذه الرحلة إلى العهد القاجاري ، ولذلك فإنّها لا تخلو من بعض الغموض من هذه الناحية ، يضاف إلى ذلك كتابتها ببعض الخطوط الرديئة في بعض الأحيان ، ووجود طمس في الكثير من الكلمات الواردة فيها الأمر الذي زاد من تعقيد فهم بعض عباراتها.
وقد تجد في رحلة أميرنا الكرناتكي بعض الإسراف في عمليات التصوير ، كنا نفضّل أن يوفّرها لرصد مشاهد أخرى ، وعدم تبذير الطاقة في تصوير أمور لا تفيد القارئ في شيء أبداً سوى استهلاك وقته الثمين ، من