أجل لقد زخر الغدير بأمثال هذه المعاني والأشعار ، وقد أشار إليها العلاّمة مراعياً في ذلك الاختصار ، وهي أشعارٌ ومعان توقف الخصم عند حدِّه وتلجمه وتتركه واجماً لم يحر بجواب إلاّ أن يعود إلى كرَّته العنيدة : إنَّهم الصحابة إنَّهم الصحابة وإنَّ هذا شرك! فيا للعجب ثمَّ يا للعجب! وتبّاً لصحابة تمرّدت على صاحبها ولم ترع له في أهله وأمَّته إلاًّ ولا ذمَّةً وهو يدعوهم إلى الفلاح والنجاة إن أطاعوا ، ويالها من مقالة سخيفة تعرب عن جفاء أتباع السقيفة.
هذا وكما ترى فإنَّ كتاب الغدير حافلٌ بشعراء مجاهرين أمثال الكميت والسيِّد الحميري ودعبل وأبي فراس الحمداني ، وكيف لا يكون مجاهراً شاعرٌ يتظلَّم لآل الله آل بيت الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وآله) الذين مجَّدهم الله فجعلهم للعالمين منارا وحباهم الرسول المصطفى(صلى الله عليه وآله) وملأ صدورهم علماً وأسرارا وأشاد بذكرهم ليلاً ونهارا فعصوه وأتَّبعوا من لم يزده ماله وولده إلاّ خسارا ومكروا بأهل بيته مكراً كبّارا.
وكيف لا تشقُّ المناظرة طريقها الأدبيّ بعد كلِّ هذه المشاحنات والمساجلات التاريخية فقد جاء كتاب الغدير يوازن بين الكفّتين ، فإنّه كما عقد فصلاً من الاحتجاجات التاريخية في الجزء الأوّل ، وكما ذكر المناظرين من كبار جهابذة الطائفة وأعلامها المتكلّمين في الردِّ على الجاحظ في الجزء الثاني ، فكذالك قد جاء بالثقل الأدبي يحمل أوقاراً من الحجاج والمناظرات الشعرية المشحونة بالأدلَّة العقلية والنقلية ، فقد كسا هذا الأسلوب والمنهج