جمع كتابة لا جمع حفظ أيضاً.
قال ابن عِنَبَة (المتوفّى ٨٢٨هـ) في عمدة الطالب : «وقد كان بالمشهد الشريف الغروي مصحف في ثلاث مجلّدات بخطّ أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، احترق حين احترق المشهد سنة خمس وخمسين وسبعمائة ، يقال : إنّه كان في آخره : (وكتب عليّ بن أبو طالب) ...».
ومنها نسخة منه بالمذار ، قال : «وقد رأيت أنا مصحفاً بالمذار في مشهد عبيدالله بن عليّ بخطّ أمير المؤمنين في مجلّد واحد وفي آخره بعد تمام كتابة القرآن المجيد : (بسم الله الرحمن الرحيم كتبه عليّ بن أبي طالب) ... واتّصل لي بعد ذلك أنّ مشهد عبيدالله احترق واحترق المصحف الذي فيه»(١).
وفي ضوء ما سبق يمكننا القول بأنّ الجمع الأوّليّ للقرآن كان على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد صدر بأمره(صلى الله عليه وآله) لعدم ارتضاء الرسول(صلى الله عليه وآله) تبعثر آيات ربّه النازلة عليه نجوماً ، وذهاب جهود دعوته هباءاً ، فأراد الحفاظ على كتاب ربّه بالتدوين والكتابة ، فسمح أوّلاً للصحابة بالتدوين وكان عليّ بن أبي طالب عليهالسلام رئيسهم وعميدهم فيها ، إذ شهد بذلك ابن مسعود(٢) وغيره ، فدوّنت المصاحف وإن لم تكن كاملة ، فبعضٌ جمع سورة الحجر والأعراف ويونس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) عمدة الطالب : ٢٠ ـ ٢١.
(٢) المعجم الكبير ٩ / ٧٦/ ح ٨٤٤٦ ، حلية الأولياء ١ / ٦٥ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٠٠ ، ينابيع المودة : ٤٤٨.