كلّ تلك الضجّة ردّت من خلال القول بتواتر القرآن عند المسلمين ، وأنّ العلم به كالعلم بالبلدان.
كما أنّ وصية رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام بأنّ يجمع المصحف بعد وفاته جاءت للقول بأنّ الإمام عليهالسلام هو الأولى بهذه الفضيلة دون غيره من الصحابة.
ولَرُبَّ قائل يقول : إنّ مصحف الإمام عليّ عليهالسلام المفسَّر هو عينه المجرّد ، بفارق أنّه أضاف إليه التفسير في حواشيه ، أو أنّه أشار إلى كون هذه الآية منسوخة ، والآية الفلانية ناسخة ، أو أنّ هذه الآية هي المحكمة وتلك هي المتشابه ، وهذه الآية مكّية وتلك مدنية ، وكان الإمام يذكر كلّ ذلك في هامش الكتاب العزيز وهذا يعني بأنّ للإمام عليهالسلام مصحفاً واحداً لا مصحفين.
وهذا الاحتمال قد يصحّ إن قلنا باتفاق النصوص على اشتمال مصحف الإمام عليهالسلام على الناسخ والمنسوخ لا بتقديم الناسخ على المنسوخ كما في بعض النصوص ، والفرق بين التعبيرين واضح ، والنصوص تدلّ على كلا الطرفين ، وليس من السهل البتّ بأحد الطرفين ، وإن كنّا نرجّح تقديم الناسخ على المنسوخ في مصحف الإمام عليّ عليهالسلام المفسّر ، وهذا يفنّد الاحتمال السابق ويشير إلى وجود مصحف آخر بترتيب آخر ، لكنّ الاحتمال السابق يبقى قائماً ، لأنّ في رواية سليم : «فلمّا جمعه كلّه وكتبه بيده على تنزيله وتأويله والناسخ منه والمنسوخ» وفي رواية الاحتجاج : «ولقد أُحْضِرُوا الكتاب كُمُلاً مشتملاً على التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ» ونقل السيوطي عن ابن اشته عن ابن سيرين قوله : «إنّه كتب في مصحفه الناسخ